قال وزير التجارة والصناعة عبدالله بن أحمد زينل إن المنشات العائلية تمثل القلب النابض للقطاع الخاص بصفة خاصة والاقتصاد الوطني بصفة عامة، مبينا انه في ظل ما تفرضه هذه المرحلة من تحديات على هذه الشركات قامت الوزارة بتوجيه مجلس الغرف بإعداد دليل ارشادى يعاون الشركات العائلية في اتباع الأساليب النظامية التي تكفل استمرارها بعد وفاة الشركاء الرئيسين، مشيرا إلى بروز العديد من المشكلات التي تواجه الشركات العائلية والتي تهددها بالتفكك والانهيار، مبينا انه بالإضافة إلى مشاكل الورثة وعدم توافق أسلوب إدارة الشركة مع مراحل نموها وتطورها توجد هناك عوامل كثيرة تجعل هذه الشركات العائلية غير قادرة على الاستمرار بنفس الدرجة من المتانة والأداء الاقتصادي، مضيفا أن هذا يجعل أصحاب هذه الشركات يعيدون النظر في وضعية شركاتهم عن طريق اتخاذ قرارات استراتيجية تخدم مصالحها وتحافظ على استقرارها واستمرارها أمدا طويلا. وأضاف زينل - خلال مخاطبته لورشة عمل "دور شباب الأعمال في بقاء واستمرارية المنشآت العائلية" التي نظمتها غرفة الرياض - ان دراسة أعدتها الوزارة كشفت أن أفضل الوسائل للوقاية من الخلافات العائلية التي تضر بالشركات ولضمان استمرارها هو تحول هذه الكيانات إلى شركات مساهمة، مبينا أن الوزارة أصدرت الضوابط اللازمة بذلك حيث تم تبسيط إجراءات تحول الشركات إلى شركة مساهمة مقفلة وذلك بإلغاء القرارات الصادرة بشأن ضوابط التحول وأن هذا التحول يحقق العديد من المميزات لهذه الشركات. وأضاف معاليه أن معالجة القضايا التي تواجهها الشركات العائلية تتم باتباع أسلوبين احدهما وقائي لتخفيف حدة المشكلة من خلال التوعية ومساعدة المؤسسات والشركات العائلية القائمة حتى تتبع الأساليب والممارسات القانونية والإدارية التي تكفل استمرارها، أما الأسلوب الثاني فهو علاجي ويهدف إلى المحافظة على بقاء الشركات العائلية واستمرارها من جيل إلى جيل وذلك عن طريق تسهيل الإجراءات المرتبطة بتحويل هذه الشركات إلى شركات مساهمة، موضحا أن خير وسيلة للوقاية من الخلافات في الشركات العائلية هو تحويلها إلى هذا النوع من الشركات حيث يسهل توزيع الأسهم بين الورثة ولا تتأثر الشركة بوفاة احد المساهمين، مشيرا إلى أن هذا التحول يحقق عددا من الأهداف التي تساعد على النهوض بالشركة وتطويرها. من جانبه أوضح المهندس سعد بن إبراهيم المعجل نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض في كلمته أمام الورشة أن الشركات العائلية في المملكة بالرغم من أنها تشكل عصباً بارزاً في دعم الاقتصاد الوطني، الا أنها تواجه أزمة تتهدد وجودها واستقرارها عندما تمر بالمرحلة الثالثة حيث تتشابك الأوضاع وتختلط الملكية مع الإدارة، وتتنازع الأهواء. وقال إن المحافظة على هذه المنشآت هو أمر يعني الجميع، وهي قضية تحظى باهتمام فائق من قبل وزارة التجارة، مثلما تحظى بذلك الاهتمام لدى الغرف التجارية، وكذلك لدى الباحثين والأكاديميين، موضحا أن هذه الورشة تركز على دور شباب الأعمال في صيانة الشركات العائلية والسعي لتحصينها ضد خطر التفكك والاختلاف بين الورثة. وأعرب المعجل عن شكره لمعالي الوزير على تفعيله لنظام الشركات المساهمة المقفلة ورغبته في أن تحل محل الشركات المساهمة المحدودة أو التضامنية، أو المؤسسات الفردية، داعيا إلى عدم ارتباط مجالسها بنظام الشركات المساهمة المتداولة، وأن يعفى الشركات التي يقل مساهموها عن خمسين شريكاً من نشر موازناتها للعامة. وبين المعجل أن هناك توجهين متوازيين في الأوقات الراهنة في المملكة والدول المتقدمة والنامية، لمعالجة أزمة الشركات العائلية، الأول يرى أصحابه ضرورة تطوير هذه الشركات وتحويلها تدريجياً إلى شركات مساهمة كبيرة قادرة على المنافسة بضراوة في سوق عالمية لا تعترف بالكيانات الصغيرة، والثاني يرى الإبقاء على الشركات العائلية والاكتفاء بحوكمتها، وإعادة هيكلتها بوضع تنظيم إداري عصري يتماشى مع متطلبات عصر العولمة، ويتناغم مع مبادئ الشفافية والإفصاح والمساءلة، وأمامنا في هذه الورشة فرص البحث والتمحيص في الخيارات المطروحة. كما دعا شباب وشابات الأعمال إلى أن يكونوا عاملاً لنجاح هذه المنشآت والمحافظة على بقائها واستمرارها، وألا يسمحوا لأهوائهم أن تكون معولاً لهدمها. من جهته أكد الأستاذ فهد الثنيان عضو مجلس إدارة غرفة الرياض رئيس لجنة شباب الأعمال لدى مخاطبته الورشة أهمية دور شباب الأعمال في ضمان استمرارية المنشآت العائلية، وحمايتها من رياح التفكك، ودور أبناء الجيل الثالث في الحد من المشكلات التي تواجهها هذه الشركات، وقال "إذا كنا ندرك جميعاً الأهمية الكبرى التي تنطوي عليها هذه المنشآت العائلية، نظراً لما تمثله من مكانة حيوية في صلب اقتصادنا الوطني، فإننا من هنا ندرك الأهمية التي تشكلها هذه الورشة، والتي تجسد اهتمام غرفة الرياض عموماً ولجنة شباب الأعمال خصوصاً، بقضية المنشآت العائلية". وقال إننا "نتطلع إلى أن تقدم شيئاً نافعاً لشباب الأعمال المهتمين بمصائر واستقرار ونجاح المنشآت العائلية، والتي يمثل نجاحها نجاحاً لاقتصادنا الوطني وقوة له. مؤكدا التزام لجنة شباب الأعمال ببذل أقصى جهودها ودورها في خلق بيئة خصبة ملائمة، لبناء أجيال جديدة من شباب وشابات الأعمال القادرين على دخول عالم التجارة والمال، وليتمكنوا من الإسهام في تعزيز مسيرة التنمية الاقتصادية ومساندة جهود الدولة لتنفيذ خططها للنهوض بالوطن. وشخّص المحامي محمد بن سعود الجذلاني من واقع خبرته السابقة في القضاء التجاري بديوان المظالم عدداً من الإشكالات التي يواجهها القضاء التجاري عند نظره للنزاعات بين الشركاء في الشركات العائلية. وبين الجذلاني بأن من ضمن الإشكالات التي تواجه الشركات أن الشركاء فيها ينظرون إلى شركتهم على أساس أنها مصدر للوجاهة الاجتماعية وأن في بقائها حفاظا على مكانتهم الاجتماعية ووجاهتهم مما يزيد من تمسكهم بالإدارة ورفضهم لفصلها عن الملكية والصراع بين الشركاء على السيطرة، بالإضافة إلى أن طغيان العنصر الشخصي في تلك الشركات فيظهر من المديرين والمسؤولين فيها ولاءات متنوعة لبعض الشركاء دون بعض وهذا يتعارض مع ضرورة أن يكون الولاء الأول للشركة ككيان واحد، وأخيراً غياب الشفافية في إدارة الشركة وانفراد فريق من العائلة بإدارتها مع الإقصاء التام لفريق آخر. ويرى الجذلاني أن من الإشكالات التي يواجهها القضاء التجاري في هذه النزاعات حين تكون المرأة أحد أطراف النزاع إما بصفتها أحد الشركاء في الشركة أصلاً أو بصفتها أحد الورثة لشريك من الشركاء خاصة حين يكون الشريك المتوفى هو مؤسس الشركة أو صاحب حصة مؤثرة فيها. مبيناً انه مما يؤسف له أن بعض الشركاء يتحايلون لإخراج المرأة من الشركة بشراء حصتها والذي أحيانا قد يتضمن بيعاً بغبن وتدليس وعدم إعطائها القيمة الحقيقية لحصتها المباعة ثم تتنبه المرأة لذلك فينشأ النزاع على هذا السبب. وتعامل القضاء مع مثل هذه الحالات يكون على أساس الإلزام بالعقود بين المتعاقدين إلا إن ظهر وجود غبن أو تدليس فقد حصلت بعض الوقائع التي حكم فيها القضاء بإبطال عقد البيع وإعادة المرأة للشركة أو بالحكم لها بالتعويض عما لحقها من غبن. وأضاف أن القضاء حين يتجه لتعيين حارس قضائي على الشركة العائلية يواجه عدة عوائق منها: اعتماد الشركة على ملكية وكالة حصرية لأحد المنتجات ذات العلامة التجارية العالمية فيكون تعيين الحارس القضائي سببا لسحب تلك الوكالة وبالتالي انهيار الشركة، وصعوبة إيجاد حارس قضائي مؤهل لإدارة الشركة وهذا ما يعالجه القضاء أحيانا باللجوء لتعيين مجلس حراسة قضائي يضم عددا من الخبراء، بالإضافة إلى طبيعة عمل الحارس القضائي التي تمنعه من اتخاذ قرارات ترتب التزامات مالية على الشركة دون الرجوع للمحكمة مما يوقع القضاة في مأزق القيام بإدارة الشركة ويشغلهم عن الموضوع الأصلي للدعوى أو يوقعهم في حرج لعدم امتلاكهم الخبرة الكافية لاتخاذ قرارات تجارية واستثمارية. وفي ختام حديثة قدم الجذلاني عدة مقترحات منها، أولاً: إنشاء مجالس إصلاح في الغرف التجارية تضم نخبة من التجار المعروفين بالخبرة والحكمة والسمعة الحسنة واقترح تسميتها ب (مجلس الحكماء) بحيث يكون لكل منطقة مجلس خاص بها يتولى القيام بدور الإصلاح والتوفيق بين المتنازعين من الشركاء في الشركات العائلية بالتنسيق مع وزارة العدل لربط هذه المجالس بالمحاكم التجارية والاستفادة منها، ثانياً: تخصيص دوائر قضائية داخل المحاكم التجارية تتولى نظر النزاعات في الشركات العائلية حفاظا على خصوصيتها وحتى يوجد قضاة لهم خبرة ودراية في هذا النوع من القضايا مما يسهم في سرعة الفصل فيها، ثالثاً: نشر مبادئ القضاء التجاري المستخلصة من الأحكام الصادرة في النزاعات العائلية وتوزيعها على الشركات العائلية للاستفادة منها في تلافي أوجه النقص فيها والبعد عن أسباب النزاع.