أكد معالي وزير التجارة والصناعة الاستاذ عبدالله بن أحمد زينل أهمية ضمان استمرارية الشركات العائلية في المملكة لما تمثله من ثقل في الاقتصاد المحلي مشيرا إلى إيلاء وزارة التجارة لقضية تلك الشركات اهتماما أكبر بما يضمن بحول الله الانتقال السلس في إدارتها من جيل إلى جيل عن طريق أسلوبين اتبعتهما وهما الأسلوب الوقائي والأسلوب العلاجي مقدما رؤية الوزارة حول أفضل سبل استمرارية تلك الشركات في أداء دورها الكبير في الاقتصاد المحلي وحدد المعضلات التي تواجهها في هذه المرحلة. ونوه معاليه في كلمته الافتتاحية لورشة شباب الأعمال التي نظمتها أمس لجنة شباب الأعمال بغرفة الرياض التجارية والصناعية بدور المنشآت العائلية في الاقتصاد الوطني حيث تمثل المنشآت العائلية في المملكة ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني ولكبر حجم مساهماتها الاقتصادية الكبيرة في توفير احتياجات المجتمع من السلع والخدمات وتأمين فرص عمل كبيرة ولمشاركتها الفاعلة في تحقيق الناتج المحلي الإجمالي مشيرا إلى "أن المنشآت العائلية تمثل الشريحة العظمى من منشآت الأعمال بالمملكة ولعبت دوراً مشرّفاً في تطوير الاقتصاد الوطني ودعم العلاقات الدولية بين المملكة ودول العالم ". ورأى معالي وزير التجارة والصناعة أن الشركات العائلية تقوم على الاعتبار الشخصي بين أبناء الأسرة الواحدة وتعمل على عدم إدخال عناصر تخرج عن نطاق العائلة في الشركة وقد حقق بعضها نجاحاً كبيراً وامتداد نشاطها إلى الخارج محققة سمعة ممتازة في الأسواق الأجنبية مشدداً على أن نجاح الشركات العائلية في حياة مؤسسيها يرجع إلى قوة الروابط العائلية وعدم وجود عناصر خارجة عن العائلة في الشركة ووحدة القرارات وسرعة تنفيذها وهو ما لا يتحقق في أغلب الأحيان بعد وفاة الشريك الأساسي فيها حيث تختلف آراء الأبناء أو الإخوة وينشأ النزاع مما يؤدي في أغلب الأحيان إلى تصفيتها وخسارة كبيرة للاقتصاد الوطني وخصوصاً أن العديد من هذه الشركات وكلاء لشركات أجنبية كبيرة تتمتع بسمعة جيدة وثقة خاصة مع المتعاملين معها . وأوضح معاليه أن عدم فصل الملكية عن الإدارة في الشركات العائلية هو أهم العوامل لتطور الشركة عند نشأتها في ظل مؤسسها الأساسي كما أنه أهم سبب لمشكلة استمرار الشركات العائلية في الجيل الجديد للشركاء بعد وفاة الشريك الأساسي لافتاً إلى أن وزارة التجارة والصناعة قامت بتوجيه مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية باعتباره الكيان المؤسسي المعني برعاية منشآت القطاع الخاص بإعداد دليل إرشادي يساعد الشركات العائلية في إتباع الأساليب النظامية التي تكفل استمرارها بعد وفاة الشركاء الرئيسيين حيث ظهرت في الفترة الأخيرة العديد من المشكلات التي تواجه الشركات العائلية التي تهدد هذه الكيانات بالتفكك والانهيار . وقال معالي وزير التجارة والصناعة إنه إضافة إلى مشاكل الورثة وعدم توافق أسلوب إدارة الشركة مع مراحل نموها وتطورها توجد هناك عوامل كثيرة ترجع عدم قدرة الشركات العائلية على الاستمرار بنفس الدرجة من المتانة والأداء الاقتصادي ومن بينها على سبيل المثال انفتاح السوق ودخول شركات كبيرة منافسة وبالتالي أصبح من الضروري على أصحاب هذه الشركات إعادة النظر في وضعية شركاتهم عن طريق اتخاذ قرارات إستراتيجية تخدم مصالحها وتحافظ على استقرارها أمداً طويلاً. وأفاد عبدالله زينل أنه قد تبين لوزارة التجارة والصناعة بعد دراسة وضع الشركات العائلية السعودية أن أفضل وسائل للوقاية من هذه الخلافات وضمان استمرار المؤسسات والشركات العائلية هو تحوّل هذه الكيانات إلى شركات مساهمة مشيرا إلى أن الوزارة قد أصدرت الضوابط الخاصة بتحوّل هذه الكيانات إلى شركات مساهمة وتم تبسيط إجراءات تحوّل الشركات إلى شركة مساهمة مقفلة بإلغاء القرارات الصادرة بشأن ضوابط التحوّل وهو ما يحقق العديد من المميّزات لهذه الشركات. وأكد معاليه أن معالجة موضوع الشركات العائلية يتم بإتباع أسلوبين وهما الأسلوب "الوقائي" الذي يتعلق بتخفيف حدّة المشكلة من خلال التوعية والمساعدة للمؤسسات والشركات العائلية القائمة كي تتبع الأساليب والممارسات القانونية والإدارية التي تكفل استمرارها والبُعد عن مواطن الخلاف التي قد يؤدي إلى انهيارها بعد وفاة مؤسسها مبينا أن من أهم هذه الوسائل فصل الملكية عن الإدارة في الشركات العائلية بمختلف أنواعها وأشكالها وقد تضمن الدليل الإرشادي لاستمرار المؤسسات العائلية الموافق عليه بالأمر السامي الكريم بتاريخ 4 /2 /1421ه ما يفي بهذا الغرض لأنه يضع خطة للتعامل مع مشكلة استمرار المؤسسات والشركات العائلية من خلال حثّ هذه المنشآت على إتباع أساليب معيّنة تساعد على استمرارها بعد وفاة الشريك الأساسي فيها كما تضمن هذا الدليل تشكيل لجنة في الغرف التجارية والصناعية تختص بالتوفيق ودّياً في المنازعات التي تنشأ بين ورثة صاحب المنشأة العائلية. وشرح معاليه الأسلوب الثاني هو الأسلوب"العلاجي " الذي يهدف إلى المحافظة على بقاء الشركات العائلية واستمرارها من جيل إلى جيل آخر عن طريق تسهيل الإجراءات المرتبطة بتحويل هذه الشركات إلى شركات مساهمة خاصة وأن خير وسيلة للوقاية من الخلافات في الشركات العائلية هو تحويلها إلى هذا النوع من الشركات حيث يسهل توزيع الأسهم بين الورثة ولا تتأثر الشركة بوفاة أحد المساهمين ويمكن أن تتداول أسهمها بصورة أكثر سهولة لتستمر إدارة الشركة في ممارسة أعمالها دون ارتباطها بمالكي رأس المال وبذلك يمكن تجنّب الأثر السلبي لاختلاف أصحاب الشركة العائلية على استمرار الشركة فيما يقتصر دور ملاّك رأس مال الشركة العائلية على وضع القواعد والنظم المالية والإدارية والسياسية التسويقية وخطط تطوير الشركة وتوسيع نشاطها. كما ينتج عن هذا التحوّل توسيع ملكية رأس المال وذلك بإدخال مساهمين جُدد. وأضاف معالي وزير التجارة والصناعة قائلا أنه يمكن تنفيذ ذلك مع احتفاظ أصحاب الشركة العائلية بسيطرتهم على رأس المال وذلك يزيد من فاعلية الشركة العائلية في السوق وإدخال فكر جديد للشركة وتوفير السيولة اللازمة لتمويل خططها التوسعية ومشاريعها الاستثمارية بأقل التكاليف والحصول على طاقات وقدرات وكفاءات بشرية جديدة وتوفير رأس مال صلب قادر على تنفيذ مشاريع ضخمة وتحسين القدرات المالية والإدارية والإنتاجية مما يجعلها قادرة على زيادة القدرة التنافسية لها في الأسواق المحلية والخارجية وحماية الشركة من الانهيار والاختفاء بعد غياب الجيل الأول من المؤسسين وانتقال الملكية للورثة. وشدد على أن من أهم وسائل الحفاظ على الكيانات العائلية وضماناً لاستمرارها واستقرارها في ممارسة أعمالها أنه يتعيّن أن تقوم الشركات العائلية الكبيرة بوضع ميثاق لها يتفق عليه جميع الأطراف بصورة تكفل انتقال الشركة إلى الأجيال المتعاقبة من تلك العائلات بصورة سلسة مع الحفاظ على الاحترام والتقدير بين الشركاء عن طريق تقسيم الأدوار داخل الشركة مشيرا إلى أنه قد صدر التوجيه الكريم لإعداد ميثاق للشركات العائلية والاستفادة من تجارب بعض الشركات العائلية التي أبرمت مثل هذه المواثيق في المملكة أو في الدول المجاورة وتقوم الوزارة حالياً بالتعاون مع العديد من بيوت الخبرة في وضع مسودة مشروع ميثاق للشركات العائلية لمساعدة الشركات العائلية في وضع الميثاق الخاص بها الذي يكفل انتقال الشركة للأجيال المتعاقبة من تلك العائلات بصورة سلسلة. وكانت الجلسة الافتتاحية قد بدأت بآيات من الذكر الحكيم ثم ألقى رئيس لجنة شباب الأعمال بغرفة الرياض فهد الثنيان كلمة أوضح فيها دور أبناء الجيل الثالث في الحد من المشكلات التي تصاحب انتقال ملكية الشركات العائلية في المملكة والعمل على تعزيز والحفاظ على الشركات العائلية من مشكلة اختلاط الملكية بالإدارة مؤكدا أهمية موضوع ورشة العمل التي تجسد اهتمام غرفة الرياض عموماً ولجنة شباب الأعمال خصوصاً بقضية الشركات العائلية. من جانبه قال نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض المهندس سعد المعجل في كلمته أن ورشة عمل اليوم التي تبحث قضية الشركات العائلية في المملكة التي تشكل عصباً بارزاً في الاقتصاد الوطني مهمة للغاية لأن 90% من إجمالي المنشآت الاقتصادية من هذا النوع وحجم استثماراتها يناهز 250 مليار ريال وتستوعب ربع مليون موظف مشيرا إلى أن هذه الشركات تواجه أزمة تهدد وجودها واستقرارها عندما تمر بالمرحلة الثالثة وهي انتقال الملكية إلى جيل الأحفاد حيث تتشابك الأوضاع وتختلط الملكية مع الإدارة وتتنازع الأهواء . وأكد المعجل أهمية العمل من أجل المحافظة على هذه المنشآت وهو ما يبرز دور شباب الأعمال في صيانة الشركات العائلية والسعي لتحصينها ضد خطر التفكك والاختلاف بين الورثة. وشهدت ورشة العمل مشاركة نحو 20 متحدثاً من الباحثين والأكاديميين وأصحاب التجارب والخبرات في مجالات عمل الشركات العائلية بهدف التعرف على الاستراتيجيات والسياسات الفعالة لتسهيل قيام شباب الأعمال بدورهم المأمول في الحفاظ على بقاء المنشآت العائلية وتطوير أدائها وقدم الباحثون أوراق عمل على مدار أربع جلسات غطت كافة محاور قضية المنشآت العائلية والمشكلات التي تهددها واقتراحات بالحلول المناسبة لها. وبحثت الجلسة الأولى محور "تحديد المتطلبات الأساسية لبناء جيل جديد من شباب الأعمال لقيادة المنشآت العائلية" بمشاركة عدد من المتخصصين لمناقشة استمرارية الشركات في مواجهة تحديات اليوم والمتطلبات الأساسية لبناء جيل لقيادة المنشآت العائلية والأدوار الفاعلة لشباب الأعمال ومبررات وأسباب تطوير المنشآت العائلية السعودية في ضوء المستجدات المحلية والعالمية. وتم خلال الجلسة الثانية التي عقدت تحت عنوان "الأدوار الفاعلة لشباب الأعمال في بقاء واستمرارية المنشآت العائلية لبحث أسس نجاح العمل العائلي ودور شباب الأعمال في استمرارية المنشآت العائلية ,فيما بحث في الجلسة الثالثة محور " الخيارات الإستراتيجية لبقاء واستمرارية المنشآت العائلية" التي تتضمن الميثاق العائلي كخيار استراتيجي والخيارات الإستراتيجية لاستمرار العائلات والتخطيط الاستراتيجي للشركات العائلية إضافة إلى التفكير الإستراتيجي لأفراد العائلة من التنفيذيين. وعقدت آخر الجلسات العلمية لورشة عمل شباب الأعمال بغرفة الرياض لبحث قضية الميثاق العائلي للمنشأة العائلية وقضايا الخلافات العائلية من منظور القضاء التجاري والمواثيق العائلية مالها وما عليها وبحث تحديد القيم والخطوة الأولى في كتابة الميثاق وأهمية وجود ميثاق عائلي. يشار إلى أنه سيصدر في ختام الجلسات توصيات ورشة العمل التي ستسعى للوضع تصورات لحل القضية التي شغلت الكثير من الباحثين الاقتصاديين أملاً في وضع مؤشرات وتوصيات تظهر السبيل نحو بقاء واستمرار هذه المنشآت المحورية والحفاظ على دورها في دعم الاقتصادي الوطني والتي يتوقع أن يكون الدور الأكبر في الحفاظ على هذه المنشآت يقع على عاتق شباب الأعمال الذين يتولون قيادة هذه المنشآت العائلية . حضر جلسات ورشة العمل بغرفة الرياض نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة حسين العذل وأمين مجلس الغرف التجارية الدكتور فهد السلطان وعدد من وكلاء وزارة التجارة ورجال الأعمال.