شدد وزير التجارة والصناعة عبدالله زينل على أهمية ضمان استمرارية الشركات العائلية في المملكة العربية السعودية، لما تمثله من ثقل في الاقتصاد المحلي، مشيراً إلى أن الوزارة تولي قضية تلك الشركات اهتماماً أكبر بما يضمن الانتقال السلِس في إدارتها من جيل إلى جيل، عن طريق أسلوبين اتبعتهما، وهما الأسلوبان الوقائي والعلاجي. وقدم زينل خلال ورشة شباب الأعمال التي نظمتها لجنة شباب الأعمال في غرفة الرياض أمس، رؤية الوزارة حول أفضل سبل استمرارية تلك الشركات في أداء دورها الكبير في الاقتصاد المحلي، وحدد المعضلات التي تواجهها في هذه المرحلة. وقال: «الشركات العائلية تقوم على الاعتبار الشخصي بين أبناء الأسرة الواحدة، وتعمل على عدم إدخال عناصر تخرج عن نطاق العائلة في الشركة، وحقق بعضها نجاحاً كبيراً، وامتد نشاطها إلى الخارج محققة سمعة ممتازة في الأسواق الأجنبية». وعزا الوزير نجاح الشركات العائلية في حياة مؤسسيها إلى «قوة الروابط العائلية وعدم وجود عناصر خارجة عن العائلة في الشركة، ووحدة القرارات وسرعة تنفيذها، وهو ما لا يتحقق في غاليبة الأحيان بعد وفاة الشريك الأساسي فيها، إذ تختلف آراء الأبناء أو الأخوة، وينشأ النزاع، وهو ما يؤدي في غالبية الأحيان إلى تصفيتها وخسارة كبيرة للاقتصاد الوطني، ولا سيما أن العديد من هذه الشركات وكلاء لشركات أجنبية كبيرة تتمتع بسمعة جيدة». واعتبر أن «عدم فصل الملكية عن الإدارة في الشركات العائلية هو أهم العوامل لتطور الشركة عند نشأتها في ظل مؤسسها الأساسي، كما أنه أهم سبب لمشكلة استمرار الشركات العائلية في الجيل الجديد للشركاء بعد وفاة الشريك الأساسي»، لافتاً إلى أن وزارة التجارة قامت بتوجيه مجلس الغرف السعودية بإعداد دليل إرشادي يساعد الشركات العائلية في إتباع الأساليب النظامية التي تكفل استمرارها بعد وفاة الشركاء الرئيسيين، إذ ظهرت في الفترة الأخيرة مشكلات تواجه الشركات العائلية التي تهدد هذه الكيانات بالتفكك والانهيار . وأوضح زينل أنه إضافة إلى مشكلات الورثة وعدم توافق أسلوب إدارة الشركة مع مراحل نموها وتطورها، هناك عوامل كثيرة تؤدي إلى عدم قدرة الشركات العائلية على الاستمرار بدرجة المتانة نفسها، ومنها انفتاح السوق ودخول شركات كبيرة منافسة، وعليه أصبح من الضروري على أصحاب هذه الشركات إعادة النظر في وضعية شركاتهم، من طريق اتخاذ قرارات استراتيجية تخدم مصالحها وتحافظ على استقرارها أمداً طويلاً. وأشار إلى أنه «تبين لوزارة التجارة بعد درس وضع الشركات العائلية السعودية أن أفضل وسائل للوقاية من هذه الخلافات وضمان استمرار المؤسسات والشركات العائلية هو تحوّل هذه الكيانات إلى شركات مساهمة»، موضحاً أن الوزارة أصدرت الضوابط الخاصة بتحوّل هذه الكيانات إلى شركات مساهمة، وتم تبسيط إجراءات تحوّلها إلى شركة مساهمة مقفلة بإلغاء القرارات الصادرة بشأن ضوابط التحوّل، وهو ما يحقق مميّزات لهذه الشركات. من جانبه، اشار نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض المهندس سعد المعجل في كلمته إلى أن ورشة العمل «تبحث في قضية الشركات العائلية في المملكة التي تشكل عصباً بارزاً في الاقتصاد الوطني، وهي مهمة للغاية لأن 90 في المئة من إجمالي المنشآت الاقتصادية من هذا النوع، وحجم استثماراتها يصل إلى 250 بليون ريال، وتستوعب ربع مليون موظف». ولفت إلى أن هذه الشركات تواجه أزمة تهدد وجودها واستقرارها عندما تمر بالمرحلة الثالثة، وهي انتقال الملكية إلى جيل الأحفاد، إذ تتشابك الأوضاع وتختلط الملكية مع الإدارة وتتنازع الأهواء، مؤكداً أهمية العمل من أجل المحافظة على هذه المنشآت، وهو ما يبرز دور شباب الأعمال في صيانة الشركات العائلية والسعي إلى تحصينها ضد خطر التفكك والاختلاف بين الورثة. وشهدت ورشة العمل مشاركة نحو 20 متحدثاً من الباحثين والأكاديميين وأصحاب التجارب والخبرات في مجالات عمل الشركات العائلية، للتعرف على الاستراتيجيات والسياسات الفعالة لتسهيل قيام شباب الأعمال بدورهم المأمول في الحفاظ على بقاء المنشآت العائلية وتطوير أدائها، وقدم الباحثون أوراق عمل على مدار أربع جلسات غطت كل محاور قضية المنشآت العائلية والمشكلات التي تهددها واقتراحات بالحلول المناسبة لها. وتناولت الجلسة الأولى محور «تحديد المتطلبات الأساسية لبناء جيل جديد من شباب الأعمال لقيادة المنشآت العائلية»، بمشاركة متخصصين، لمناقشة استمرارية الشركات في مواجهة تحديات اليوم، والمتطلبات الأساسية لبناء جيل لقيادة المنشآت العائلية، والأدوار الفاعلة لشباب الأعمال، ومبررات وأسباب تطوير المنشآت العائلية السعودية في ضوء المستجدات المحلية والعالمية. وناقشت الجلسة الأدوار الفاعلة لشباب الأعمال في بقاء واستمرارية المنشآت العائلية، ودور شباب الأعمال في استمرارية المنشآت العائلية، في حين بحثت الجلسة الثالثة الخيارات الاستراتيجية لبقاء واستمرارية المنشآت العائلية. وخُصص آخر الجلسات العلمية لبحث قضية الميثاق العائلي للمنشأة العائلية، وقضايا الخلافات العائلية من منظور القضاء التجاري، والمواثيق العائلية مالها وما عليها.