تعبت... هذا ما تقوله لنفسك وتردده للآخرين، فأنت تشعر أنك مثل هذا الذي يركض ملاحقا خط نهاية زئبقيا متحركا ليس له مكان. فكلما ظننت أنك وصلت تكتشف أنك أمام بداية جديدة وسباق آخر، فأنت كنت في سباق التفوق في المدرسة الابتدائية أو سباق الهروب من ذيل القائمة في المرحلة الثانوية، وسباق امتحانات القبول والخيارات في الجامعة، وسباق القدرات والإمكانات والواسطة في العمل، وسباق القبول الاجتماعي في حياتك اليومية البسيطة! ما أكثر السباقات التي خضتها، لذلك فإنك تشعر بأنك مرهق، تشعر بأنك استنزفت كل ما تملكه من قوى وقدرات ذهنية وجسدية. قد تقول بان الحياة صعبة، وأن متطلباتها كثيرة وأن الأمور لم تعد بالسهولة كما كانت في صغرك، رغم أنك الآن بضغطة رز تدفع فاتورة الكهرباء والماء والهاتف بدون أن تضطر لأن تقف في طابور طويل من المراجعين في بنك ما. وقد تتذمر قائلا إن مسؤولياتك كثيرة وإنك لا تجد الوقت حتى لنفسك، رغم أنك تعرف أنك تستطيع أن تقول "لا" لساعات عمل إضافية تشكل ضغطا عليك أو لمتطلبات زائدة ترهق رصيدك البنكي. وقد تشتكي من المنافسة الشديدة التي تجعلك لا تكف عن الدوران حول نفسك وتشغل بالك حتى وأنت نائم تحلم بالراحة. وقد تتذمر من كثرة العمل، رغم أنك تعرف أن العمل لا ينتهي بل يتزايد كلما صعدت سلم الوظيفة درجة درجة. قد تشتكي من الدنيا وما فيها وأنت في جلسة مع صديق أو قريب، قد تقول بصوت عال: إلى متى؟ فأنت مثلا لست سعيدا في وظيفتك، أولست مرتاحا في الكلية التي تدرس فيها، أو لا تريد هذا التخصص الذي تدرسه! قد تنتهي من التشكي، وتبدأ غدا يوما آخر وقد اكتفيت بالتذمر بدون أن تحاول أن تجد طريقة للتغيير ، وبدون أن تفكر في خياراتك الآخرى، وبدون ان تعرف أن هناك فرصا متنوعة تحيط بك، وبأنك تملك حق القرار وحق الاختيار، وأن التغيير ليس بصعب، فكل ما عليك هو أن تعرف أولوياتك ، وأن تحدد اهدافك وأن تقيّم الفرصة وأن لا تقع أسير الخوف المقولب الروتيني.