على الرغم من وجود حالات كثيرة لذوي "الاحتياجات الخاصة"، مثل الأبكم والأصم والكفيف، إلا أن هناك كثيراً من الفتيات من يقبلن بالزواج بهم، مرجعين ذلك إلى امتلاك هؤلاء المعاقين إلى العزيمة والإصرار لبناء مستقبلهم. ودائماً ما تبرز عند كل نافذة مزخرفة بإطار اللامعقول، قصة جميلة لنوع من الشراكة الدافئة لزوجين، قد يكون أحدهما فاقداً لشيء من أطرافه أو حواسه، إلا أن البعض منهم أعتاد في كل صباح أن ينشر غسيل عقده على جدار الأمل، حتى تشرق شمس السماء، ليتبخر الكثير من الصعوبات، ويتحول بفعل غيمة كبيرة، إلى علاقة حقيقية بين زوجين أحدهما من "ذوي الاحتياجات الخاصة". إرهاصات المجتمع اللزجة قصة "سمية" التي تزوجت بالأبكم "علي" أو كما يحب البعض تسميته "الأخرس"، على الرغم من أنها كانت الفتاة السوية دون إعاقات، لكنها قبلت أن تدخل عالم ذلك الرجل، حينما تقدم لخطبتها، بعد أن تحللت من إرهاصات المجتمع اللزجة، التي ترفض أن تعير "ذوي الاحتياجات الخاصة" مقعداً فخماً في الحياة كما الأسوياء، فلم يكن "التوق" إلى صوت زوجها بالنسبة لها، أشد من توقها الدائم لأن تتعلم المزيد من حركات الإشارة، لتتخطى بها حواجز التواصل. كفيف وناجح تقول "هناء أحمد" إنها تزوجت "فهد" الشاب الكفيف، الذي كان ينتمي لأسرة جيدة جداً، وبوضع مادي أكثر من ممتاز، حيث كان مجتهداً في كل شيء، حتى في إنسانيته الفائقة في سماتها، والمرتفعة في درجة حرارة قيمها، مضيفه تعلم "فهد" لينهي تعليمه الجامعي بتفوق، ويشق طريقه في ثوب الحياة، دون أن يمتطي مقص "يقرض" له الطريق بسهولة، بل فضل أن يلتهم صعوباته التي لم يكن يراها تقف عند حدود مد البصر، مشيرة إلى أنه يتصرف كما الرجل الذي لم يفقد يوما بصره، فبصيرة قلبه كانت حاضرة، حتى في أحلامه ورؤيته للمستقبل. فتاة صماء وبكماء وتكتمل قناعات مثل هؤلاء الأشخاص بقصة "مشاري سعد" الشاب الذي تزوج من فتاة صماء وبكماء، على الرغم من اعترافه أنه تزوج منها بسبب إصابة قدمه اليمنى ب"عرج"، مما سبب له رفضاً من جميع الفتيات اللواتي تقدم لهن، مضيفاً وجدت فيها أكثر من زوجهة، حيث أتواصل معها بخطوط القلم، بل أنني شعرت بالتكامل في حياتي، مشيراً إلى أن أكثر العلاقات الزوجية لأصدقائه يعيشونها بتعاسة كبيرة، على الرغم من أنهم تزوجوا من نساء يتصفن بسلامة الأعضاء دون "إعاقة". غاية في الصعوبة! ويؤكد "نبيل يوسف" على زواجه من امرأة صماء وبكماء، من باب التعاطف معها، إلا أن الزواج باء بالفشل، نظراً لصعوبة التفاهم بينهما، مستطرداً زوجتي خرجت من بيئة لم تعتني بها كثيراً، حيث فقدت النطق في الطفولة، على الرغم من محاولاته لأن يكمل الحياة معها بسلام، إلا أنه وجد الأمر غاية في الصعوبة. النقد الاجتماعي وترى "حليمة النجار" أن الفتاة أو الشاب لا يقبلان الزواج من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا حينما يكون هناك سبب، فإما أن تكون الفتاة عانساً أو أن الشاب يحمل عيباً كالفقر، مضيفة المجتمع يحمل الكثير من النقد الاجتماعي اللاذع تجاه الفتاة التي تقبل بالزواج من أعمى أو مقعد، ويعد ذلك تنازل غير مبرر، بل إن البعض يسأل عن الأسباب التي دفعت الفتاة للموافقة. كسر للصورة الاجتماعية وتوضح "د.سميرة الغامدي" المختصة في الطب النفسي والاجتماعي الأسري، أن هناك نقد كبير لمن يتزوج من ذوي الاحتياجات الخاصة، وربما السبب في ذلك هو أننا نطلب الكمال حتى لو كان مشوهاً، كما أن المجتمع ينظر لذوي الاحتياجات الخاصة بأن إعاقتهم لا تقتصر على الإعاقة الجسدية، بل إن إعاقتهم تلك يترتب عليها إعاقة ذهنية، وربما نظر البعض إليهم بأنهم غير مفيدين للمجتمع، وبالتالي يصعب التواصل معهم، وحينما يوجد من الشابات أو الشباب من يكسر تلك الصورة ويقبل بالزواج من تلك الفئة، يعتبر ذلك كسر للصورة الاجتماعية، فيوجه له النقد أو يوصف بالعيب، على الرغم من أن الاحتفاء بذوي الاحتياجات الخاصة في العالم، أكبر بكثير من الأشخاص العاديين. عيب الشاب في جيبه! وأكدت "د.سميرة الغامدي" أن الزواج من تلك الفئة ينقسم إلى قسمين، الأول أن تملك الفتاة وعياً كبيراً يدفعهما إلى قبول المعاق، لأنه يحمل من المميزات ما يدفعها للقبول، كأن يكون متعلماً أو ناجحاً، دون النظر لبقية التفاصيل الصغيرة به كالإعاقة، أما القسم الآخر فيقبل بالزواج لتغطية احتياج، أو تحت تأثير ضغط الأسرة، ولكن للأسف الفتاة التي تحمل إعاقة، تتحمل العبء الأكبر في الرفض، فتجد صعوبة فيمن يقبل بالزواج بها، أما الشاب المعاق فهو أفضل حظ من الفتاة لأنه رجل، والمجتمع يرى بأن عيبه في جيبه فقط.