إنه لمن الصعب أن يصدق الإنسان نفسه أحياناً عندما يرى أو يسمع عن نقص في حق من يحظى بإعجابه. فعين الرضى كما يقول المثل: عن كل عيب كليلة. وهذا هو الحال مع خطوط طيران الإمارات التي بنت لنفسها خلال الأعوام الماضية سمعة طيبة فأصبحت تحظى باحترام وتقدير كل من سنحت له الفرصة بالسفر على متن طائراتها الحديثة والتمتع بالخدمات المتميزة التي تقدمها أثناء الرحلات. وكاتب هذه السطور ليس استثناء من قائمة المسافرين الذين استهوتهم الإماراتية فأصبحوا يفضلون الترحال إلى العالم عبر دبي. ولهذا يمكن أن تتصوروا حيرتي حينما أخبرني موظف الخطوط، عندما دلفت إلى واجهة الإماراتية بمطار الرياض لشحن أمتعتي واستلام بطاقة صعود الطائرة، بأن سفري إلى دبي غير مؤكد ويتحتم علي الانتظار خمس عشرة دقيقة على الأقل حتى يتبين الأمر. في البداية لم أستوعب الأمر وربما لم أكن أصدق ما يجري فحاولت أن أبين لموظف الخطوط بأن رحلتي إلى دبي مؤكدة " OK " على التذكرة التي أشتريتها قبل شهر من تاريخ السفر وأن لدي رحلة أخرى بعد ساعتين من وصولي إلى دبي. ولكن الموظف لم يكن بيده شيء غير التمنيات بأن تتيسر الأمور وتنتهي بسلام. والحمد لله فقد تم تسوية الوضع. فشكراً لمن ساهموا في تسهيل الأمور وحلها كما يرام. فبعد مضي ما يقرب خمس عشرة دقيقة تم شحن أمتعتي وأعطيت بطاقة صعود الطائرة. أما من أتوا بعدي فيبدو أن الحظ لم يحالفهم كما حالفني. مع العلم أن الوقت المتبقى على إقلاع الطائرة كان يزيد على الساعة. فهل يعني هذا أن الإماراتية قد صرفت تذاكر مؤكدة " OK " للمسافرين أكثر من مقاعد الطائرة، أم أن هناك سبباً آخر أدى إلى سوء التنظيم؟ وما يدعو للاسف الشديد أن المسألة التي انتهت معي وفقاً لتمنيات موظفي خطوط الإمارات لم تنته مع الغير كذلك. فبعد الوصول إلى دبي ونحن في الباص الذي أقلنا من الطائرة إلى بهو المطار، الذي يعمل مثل خلية نحل، تفاجأ أحد الركاب السعوديين المسافرين إلى أندونيسيا، عندما علم من المسافرين على نفس رحلته، بأن موعد إقلاع الطائرة إلى جاكرتا سوف لن يتم بعد ساعتين كما هو محدد في التذكرة التي اشتراها وإنما بعد عشر ساعات تقريباً. ولكم أن تتصوروا حالة هذا االرجل المتقدم في السن الذي أصبح فجأة بلا حول ولا قوة. ففي البداية أبى التصديق. ولكنه سرعان ما استسلم للواقع بعد أن نصحه زملاء الرحلة بالنظر في تذكرة الصعود على الاماراتية المتوجهة من دبي إلى أندويسيا- الأمر الذي يعني أن موظفي طيران الإمارات في مطار الرياض الذين قطعوا بطاقات الصعود على طائرة دبي- جاكرتا لم يكلفوا نفسهم حتى عناء إشعار الركاب بأنهم سوف يقلعون في موعد آخر غير الموعد المحدد في التذاكر التي اشتروها مسبقاً. وفي الحقيقة فإن ما يدفعني لكتابة هذه السطور هو ليس فقط توجيه العتاب إلى شركة طيران الإمارات بل أكثر. فالاماراتية هي بالنسبة لنا في دول مجلس التعاون واحدة من الخطوط الرائدة التي أحب السفر عليها الكثير من مواطني هذا المجلس الطيب الذين أصبحت الإماراتيةودبي لهم صنوان. ولذلك فإنه من العزيز على كل من أحب طيران الإمارات أن يراها ترتكب مثل تلك الأخطاء التي يمكن تجنبها بسهولة. وإذا أردتم المصارحة فإني حتى الآن غير مصدق بأن ما حدث في مطار الرياض للعديد من الركاب هو خطأ الإماراتية وحدها. فلربما كان لمكاتب الطيران التي اشترى منها الركاب تذاكرهم دور فيما سردته عليكم. ورغم ذلك فإن طيران الإمارات، التي تقدم خدماتها إلى أكثر من 101 وجهة في 61 بلداً حول العالم ويبلغ عدد المسافرين الذين تقلهم على متنها إلى 21.2 مليون مسافر ، هذه الخطوط التي حصلت على العديد من الجوائز العالمية جراء خدمتها المتميزة التي تقدمها قبل وأثناء وبعد الرحلات لقادرة-كما يبدو لي- على وضع القواعد والأحكام اللازمة لها ولمكاتب الطيران حتى لا تتكرر الأخطاء التي ترتكبها العديد من شركات الطيران. فالإماراتية التي ضربت المثل لغيرها من المنافسين في مجال الخدمات المقدمة للمسافرين لا يزال أمامها الكثير الذي يفترض أن تقدمه إلى بقية شركات الطيران في حسن التنظيم وجودة الأداء، أو هذا هو على الأقل ما يتمناه محبوها. صحيح أن نقل 21 مليون مسافر في العام ليس بالأمر الهين. ولكن صحيح أيضاً أن شركة طموحة مثل طيران الإمارات لا يمثل لها الرقم السابق نهاية المطاف.