من يخلص في أداء عمله يستحق التقدير على الرغم من أن بعض المخلصين يشتكون من عدم العدالة في توزيع المهام، وفي تقدير الإنجازات، وفي الترقيات. ينتج عن ذلك إحباط يؤدي إلى السلبية، والانسحاب من المشاركة الفعلية في إنجاز الأعمال والقيام بالمسؤوليات. شكوى المحبط تتمثل في ان المدير (بعض المديرين) اذا وجد أن لديه موظفا متحمسا مدفوعا بالحافز الذاتي، ويتقبل المهام مهما كثرت، وينجزها دون تأخير ويفعل ذلك بصمت فإنه في الغالب سوف يرهق بمهام إضافية وسيجد نفسه يقوم بمعظم الأعمال المهمة. ويقوم الآخرون بمهمة السواليف مع زملائهم أو مع أجهزتهم!! ولكن كل ما سبق يهون فالأخطر من ذلك أن يتعرض الموظف المخلص في أداء عمله إلى الإهانة بسبب إخلاصه وأمانته كما حصل لحارس الأمن في مستشفى الملك سعود بعنيزة لأنه أراد تطبيق نظام الدخول على الجميع بما في ذلك أخو المدير، فكانت النتيجة ضربه بالحذاء من قبل المدير. السلوك الإداري المنطقي هو أن يقوم هذا المدير بتقدير تصرف حارس الأمن وأن يشكره أمام زملائه، ويكافأه على إخلاصه وأمانته وحرصه على القيام بمسؤولياته الأمنية وتطبيق النظام على الجميع وهو الأمر المطلوب وخاصة في أداء مثل هذه الأعمال المرتبطة بالأمن. لكن سلوك المدير جاء مخالفا لمبادئ التعامل الإنساني السليم المنطلق من القيم الإسلامية قبل المبادئ الإدارية. سلوك المدير يشير إلى أنه يعتقد أنه فوق القانون، والنظام لا يطبق على أقربائه. هذا الاعتقاد يوجد لديه ولدى غيره من المديرين والمسؤولين الذين يتهيأ لهم أن المركز الوظيفي يعني الشفاعة لهم بتجاوز الأنظمة والحصول على الاستثناءات في المواقع المختلفة. القضية ليست فقط علاقة الرئيس بالمرؤوس بل تمتد لتشمل اخلاقيات العمل وما تلك العلاقة إلا أحد فروعها أو مجالاتها. وفي كل جهاز أو منظمة مبادئ إدارية يفترض أن جميع المنسوبين يعرفونها ويلتزمون بها بما في ذلك الرؤساء. وفي كل جهاز وتنظيم يحرص الرؤساء على الجدية في العمل وعلى الانضباط، والقيام بواجبات العمل ومنها إطاعة الرؤساء. الجانب الآخرمن المعادلة هو حقوق المرؤوس في ان يعمل في بيئة عمل مناسبة وصحية وأن يكون له رأي، وأن تقدر حقوقه المادية والمعنوية ومنها التقدير، والمشاركة، واعطاؤه الفرصة لإبداء الرأي وان لا يكون دوره هو تلقي الأوامر والتعليمات وتنفيذها. من حق المرؤوس أن يشعر بالأهمية، وأن يعرف مسؤولياته وصلاحياته وأن يتوفر له الأمن الوظيفي، والمعاملة التي تتسم بالاحترام والتقدير وأن تتاح له فرص التدريب والتطوير وأن توجد معايير واضحة لتقييم الأداء حتى يمكن تحديد من يستحق التقدير والتكريم ، وهل هو من يقبل الواسطة أم من يرفضها؟