لديك عقدة من كلمة "لا"، ربما لا تحب أن تسمعها لكنك تحب أن تقولها كثيرا، ففي أولى مراحل تكوّن شخصيتك كانت "لا" كلمة سهلة قد تقولها بعناد لوالديك لتقال لك لاحقا من أبنائك، قد ترددها بحماقة، قد تكررها بدون حتى أن تفكر، قد تستخدمها كشعار ملون على "التي شيرت" الذي ترتديه كي تلفت النظر أو تبدو "كوول كما يقال بالانجليزية وأنيق"، قد تهمس بها في أذن صديق وأنت تحاول أن تحفزه كي يفعل شيئا لأنك تعتقد أن هذه الكلمة هي كل ما يحتاجه ليفرض شخصيته أو ليؤكد أن لديه وجهة نظر تستحق أن تحترم. قد تقول في لحظة صفاء أنك لا تحب أن تسمع كلمة "لا"، فهي ترتبط في ذهنك بالتحدي المتعجرف والرفض الأحمق اللاإنتقائي. لكنك أنت في كلامك هذا تمارس العجرفة لأنك مثلك مثل الآخرين تحب أن تقول "لا"وتحتاج أن تقولها أحيانا وتفضل أن تستخدمها. لكن ما هي علاقتك بهذه الكلمة؟ ولماذا تنشغل بها؟ لماذا لا تحب أن تسمعها؟ لمَ تصاب بالخذلان أو الخيبة حين تواجهها؟ وتشعر بالقوة والاختلاف حين تقولها حتى وإن لم تكن تعنيها؟ لكن ليس هذا السياق الذي أريد أن أتحدث فيه، ما أريد أن أتحدث عنه هو ال "لا" الاستنكارية التي تتبع بكلمة مستحيل، حيث تجد نفسك تتحدث مع صديق أو قريب أو زميل عن حادثة حصلت أو خبر قرأته أو موقف مررت به أو تصرف قام به أحدهم فأزعجك أو أفرحك ليرد عليك بكل تعال:" لا...لا ...لا مستحيل"، وهو لا يستغرب ما قلته ولا ما تحدثت عنه لكنه ببساطة لا يصدقك، أو لأنه ببساطة يحب أن يختلف معك أو يشكك فيما تقوله وهذا ليس لأن ما تقوله غير معقول أو مستحيل بل إنك حتى لو تحدثت عن أمر عادي أو كتاب قرأته أو حتى قلت بصوت عال إن لون السماء أزرق أو إن القمر بدر مكتمل أو إن الساعة قاربت على الثانية عشرة لوجدته قرر أن يختلف معك وأن يبدأ بكلمة "لا" وينهيها بمستحيل في غير السياق المتوقع أو المنطقي. كيف تتعامل مع هؤلاء؟ قد تعاند وتدخل معهم في نقاش أعوج سخيف لا ينتهي، وقد تصمت وأنت مغتاظ، ليس لأن لديك عقدة من كلمة "لا"، لكن لأن هذه الكلمة استخدمت في غير مكانها. ما هي علاقتنا بكلمة "لا" هل هي الكلمة التي تحدد شخصياتنا وموقعنا من الإعراب وتحدد فكرنا أم هي مجرد كلمة مثل كل الكلمات؟