أن يصل عدد العاطلين عن العمل وفق إحصاءات رسمية لما يقرب من نصف مليون شخص في وطن يعيش أجمل لحظاته التنموية بمشاريع ضخمة تحولت من خلالها معظم مدن المملكة وقراها إلى ورش عمل ضخمة تقدر تكاليف تنفيذها بمئات المليارات من الريالات فذلك أمر غير منطقي!! وأن تعلن جهة رسمية واحدة فقط عن ضبطها ل 1200 شهادة مزورة منها 162 شهادة مزورة خلال الستة أشهر الماضية فقط!! وأن تسجل أيضا 15202 ممارس صحي في قائمة الممنوعين من العمل في المجال الصحي!! وعن 1700 شهادة أخرى تم تزويرها بدقة خلال ال 12 سنة الماضية و88 شهادة تم رفضها بسبب العيوب التي ظهرت بعد النظر والتدقيق!! وأن تعلن جهات أخرى قبل فترة عن ضبط شهادات مزورة لأكاديميات في عدد من كليات المملكة وأن تؤكد إحدى الصحف المحلية أن 1000 دكتورة (حقيقية وليست مزورة) في قائمة العاطلات عن العمل كما تعلن إحدى عضوات مجلس إدارة جمعية المهندسين السعوديين أن المهندسات السعوديات أصبحن يعملن مدرسات للتربية الفنية!! وأن تكتشف إحدى الصحف المحلية بمتابعاتها أن عددا من كبار المسئولين في قطاع حكومي مهم يحملون شهادات غير معترف بها!! وأن يواجه خريجو عدد من تخصصات المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب التقني صعوبة في الحصول على وظيفة مع استمرار المؤسسة في تدريس وتدريب وتخريج شباب سعودي في نفس تلك المجالات وأن تطالب إحدى المواطنات السعوديات بالسماح لها بالعمل على الوظيفة التي اكتشفت صدفة أنها تشغلها منذ سنوات دون أن تدري!! وأن يبدي أحد المواطنين استعداده لدفع مبلغ ثلاثين ألف ريال من أجل حصول ابنته على وظيفة وأن تكتشف الهيئة العامة للاستثمار عن تصاريح بالآلاف منحتها لأجانب كاستثمار أجنبي فاستثمروها وهميا باستقدام أقاربهم!! وأن تستمر الجامعات بدفع خريجيها من التخصصات النظرية بالآلاف بينما لا يتمكن الطالب الذي تخرج بتقدير امتياز من دخول كليات الطب أو غيرها من التخصصات التي يحتاجها الوطن بل يدفع به عنوة إلى تخصصات تساهم في (التضييق) على مستقبله الوظيفي ليصطف ضمن طابور البطالة التي تم الإعلان عنها بينما تستمر رحلات التعاقد الحكومية مع غير السعوديين لشغل وظائف (حيل بين الشباب السعودي وبين الالتحاق بالجامعات التي تؤهلهم للعمل بها حائل لا منطق خلف وجوده!!) فذلك منتهى الفوضى وهي مجتمعة في نظري تمثل العوامل التي أدت إلى ارتفاع حجم البطالة في المملكة وستزيد منها حتى (تخنق) منجزنا التنموي الذي نفاخر فيه والذي تسعى حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني حفظهم الله جميعا لتحقيقه ضمن برنامجها التنموي الواقعي الطموح.. ومع كل تلك الإرهاصات تتجمع حزمة من الأسئلة يقف في مقدمتها التالي: أين برامج إعادة تأهيل خريجي الجامعات ذوي التخصصات النظرية؟ لماذا لا تزيد الجامعات من طاقاتها الاستيعابية لدراسة التخصصات التي يحتاجها الوطن كالطب مثلا؟ لماذا يرتقي مؤهلون (زورا) مواقع قيادية بينما يبحث مؤهلون (حقيقة) عن مواقع وظيفية غير قيادية فلا يجدونها؟ لماذا تمتلئ الجامعات والكليات ومراكز التعليم الأخرى بالمتعاقدين بينما تصطف أكثر من 1000 مواطنة يتأبطن شهادات الدكتوراه في تخصصات مختلفة محاولات الحصول على وظيفة مناسبة فيها؟ أين القطاع الخاص المستفيد من برامج التنمية الحالية وتمكين السعوديين من العمل في تلك المشاريع التي يتولون تنفيذها وتقدر بمئات الملايين من الريالات؟ أين برامج السعودة وتوطين الوظائف التي نتغنى بها؟ أم تظل حلما يراودنا في نوم عميق!! وما دمنا نلوم جهات التوظيف المختلفة من قطاعات الوطن الحكومية والخيرية والخاصة فإننا أيضا نلوم أبناء الوطن الذين لم يتشربوا بعد معنى الوظيفة وأنها مجال كسب الرزق أيا كانت طبيعتها دون البحث عن مسميات أو مواقع براقة تزيد من حالة الترف الوظيفي الذي يبحث البعض (بل ربما الكثيرون) عنه.