شهدت السنوات العشر السابقة تطورات هائلة فى مختلف العلوم الإنسانية، إذ لا تمر ساعات إلا وتتناقل الأنباء خبرا عن اكتشاف جديد أو اختراع، وتحتل الاكتشافات الطبية مركزاً متقدماً في ثورة الاكتشافات والاختراعات، إذ أصبح الطب قادراً على الاستنساخ، وزرع الأعضاء من الموتى للأحياء، وتحديد نوع الجنين، وعمليات التجميل التي أصبحت قادرة على تغيير شكل الإنسان من النواحي كافة، وبات ما استحال علاجه فى الأمس فى متناول اليد اليوم. الاكتشافات الطبية الجديدة، استصحبت معها الكثير من الجدل الفقهي والشرعي، وما بين محلل ومحرم في ظل تعدد المذاهب الفقهية، ظهرت العديد من الآراء الفقهية، واختلاف العلماء، فاحتار الناس بين من يحلل ومن يحرم، وأصبح المسلمون في حيرة من أمرهم ما بين راغب في الاستفادة من التطور الطبي الهائل والخوف من مخالفة معتقداتنا الدينية. مؤتمر «قضايا طبية معاصرة» الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، برعاية كريمة من سمو ولي العهد وافتتحه سمو النائب الثاني، ما يؤكد رعاية الدولة ممثلة في أعلى قياداتها لهذا المؤتمر، هدف إلى حسم الجدل الدائر حول القضايا الطبية المعاصرة، وتبيان الأحكام الشرعية في القضايا الطبية المستجدة، والتواصل بين الفقهاء والعاملين في المجال الطبي، والمؤتمر الذي تناول عدة محاور منها التداوي بالوسائل الطبية المعاصرة، قضايا الأجنة والجينات، العمليات التجميلية، أخلاقيات المهنة، إضافة إلى حقيقته الخطأ الطبي وأسبابه والآثار المترتبة علي. يحق لنا ان نفتخرا للجهد الكبير الذي اخرج المؤتمر، وفائدته العظيمة حيث أمه العشرات من العلماء من مختلف بقاع العالم، ومن داخل البلاد، علماء متخصصون فى المجالات الطبية والشرعية قدموا بحوثا بلغت 120 بحثا حكم منها ما يقارب 90 بحثا. ما يثلج الصدر اعتماد الهيئة السعودية للتخصصات الطبية أن يكون للمشارك بالمؤتمر ما يعادل 30 ساعة . . مثل هذه المؤتمرات التي تناقش أهم قضايانا المعاصرة تعتبر أولى خطواتنا نحو المساهمة الفاعلة في مجاراة التطور الطبي والتكنولوجي، ومشاركة العالم في إسهاماته. شكراً لإدارة الجامعة على مبادراتها المتواصلة وشكراً لقيادة وحكومة هذه البلاد لدعمهم المستمر لكل ما يفيد الإنسانية ويساهم في تطورها.