البرنامج الذي يحمل اسم الفيلم المشهور والذي يعرض في إحدى قنوات البي بي سي المحلية يستعرض في حوارات ممتعة مع علماء وباحثين بريطانيين لهم تأثيرهم في المجتمع العلمي. الحوار يتجاوز المعلومات المهمة عن تخصصهم الدقيق و تفاصيل بحوثهم إلى الحديث عن رؤية أشمل حول مفهوم العلم وعلاقته بالإنسان وبالبيئة وبالأرض وبالفضاء وبالخلية وبالجسم وبالعقل وبكل ما يحيط به وما يحيط بنا. الحديث يتفرع بعيدا عن المصطلحات التي نظنها معقدة والتي قد تجعلنا نغير القناة باحثين عن أغاني "ليدي جاجا أو ثامر حسني!" ويجعلنا نجلس صامتين منصتين محاولين أن نفهم التجربة الانسانية بكل نجاحاتها و خيباتها وأحلامها واهتمامتها. في الحلقة الخاصة بالباحثة جوسلين بيل بيرنيل، تتحدث عن تجربتها و اهتمامها بعلم الفيزياء بانشغالها بالسماء والنجوم، عن الذي جعلها تهتم بهذا العلم، عن دور المرأة وما يمكن أن تقدمه لهذا التخصص الدقيق بما تملكه من رؤية قد تكون مختلفة. تأخذك الحوارات بعيدا عما يمكن أن تراه عبر المايكروسكوب إلى ما يمكن أن تستنتجه من كلمات عفوية أو منمقة تخرج من شفاه إنسان قد تتعلم منها، قد تلمس شيئا داخلك قد تفسر لك بعضاً من غموضك الشخصي، قد تجعلك تتواصل مع هذه الكلمات بشفافية العقل، قد تختلف مع بعض ما يقال لكنك لا تملك إلا أن تستمع وتحاول أن تفهم. في تفسيرها للبحث العلمي، تقول ببساطة إن البحث يبدأ بسؤال تسعى للإجابة عليه، وعندما تجد الإجابة قد تظن أنك أغلقت دائرة الأسئلة لتجد نفسك في دائرة أكبر تحمل أسئلة أكثر. وفي حديثها عن البحث العلمي تقول إنه لا يملك إجابات قطعية حاسمة لكنه يعطي جزءاً من الإجابة. تتحدث البروفسورة عن تجربتها في البحث العلمي أثناء دراستها للدكتوراه في السبعينيات وعن اكتشافاتها في تلك المرحلة، وعن تأثير هذا الاكتشاف وعن الصعوبات التي واجهتها أو ما أظنه صعوبات وخيبات وما وصفته هي بمحاولة الاكتشاف والبحث عن الاستنتاج المناسب و السهر بحثا عن إجابة. وعما تعلمته إنسانيا وشخصيا وما ساعدها على أن تكون هي الآن، وأن تصل إلى ما وصلت إليه . تتحدث عن تأثير أستاذتها في المدرسة عليها، عن أستاذ الفيزياء الذي بعثت له بالبحث العلمي الذي يتحدث عن أولى اكتشافاتها عما قرأته في صغرها وما بقي في ذهنها. الحديث بشغف عما نتصور أنه موضوع جامد قد يحرك كل الخلايا النائمة في عقلك وكل المشاعر المتثائبة داخلك، لأنك تستقبل كمتلقي فلسفة إنسان وخلاصة تجربته، وتفكر فيها وتحاول أن تتعلم منها. جملة وردت في هذا البرنامج عن الإحساس الخاطئ بأن العلم يملك الإجابات القطعية والنهائية على كل الأسئلة، لخصتها في كلمات بسيطة:" هناك البعض من يعتقد أنهم يفهمون كل شيء وهؤلاء لا يكونون منفتحين لما هو جديد، فحين نعتقد أننا وصلنا لنهاية الطريق نتوقف عن البحث" الحديث الإنساني لم يكن يدور فقط حول اكتشاف مهم له تأثيره على العالم، ما جعل صاحبه يتوقف عنده ولا يتجاوزه، بل كيف أن كل اكتشاف كان بداية لمشوار بحثي وطريق نحو شيء من المعرفة.