"أحس إني دايخ.. ما أقدر أروح اليوم للمدرسة.. الله يخليك يمه بنام".. هذه الكلمات الشاكية والمتوسلة من "الطلاب الكسالى" تتردد مع صباح كل يوم لتشكل ظاهرة داخل المنازل بمسمى الهروب من المدرسة بحجة التمارض، حيث تؤدي هذه الظاهرة إلى سلبيات تنعكس بالتالي على هؤلاء الطلاب المتمارضين، وخصوصاً حينما يشعر "الطالب الكسلان" أنه يخشى العقاب من معلمه أو معلمته لعدم القيام بالواجب أو الاستعداد للتقييم، أو الاختبار، وفي هذا التحقيق تتحدث بعض الأمهات عن هذه المعاناة.. الطبيب يكشف اللعبة! تقول أم الطفل "عبدالوهاب" إن طفلها في الشهور الأخيرة بدرت منه أكثر من محاولة في عدم رغبته الذهاب للمدرسة لمرضه وكان في الصف الرابع الابتدائي، وفي البداية كنت أصدقه وأتعاطف معه الى درجة أنني قمت أكثر من مرة باصطحابه الى الطبيب للكشف عليه وبعد الفحص نكتشف انه بصحة جيدة، وتضيف: بعد العودة من الطبيب نجده يتجه الى التلفزيون ليتابع البرامج التي يحبها، وكثير من المرات كان يضطر والده لاصطحابه الى المدرسة خوفاً من أن تفوته بعض الحصص والمواد المهمة. الشعور بالتعب "أم حمد" معلمة تقول معلقة على هذه الظاهرة: لم ألاحظ ذلك في أبنائي ولكنني لاحظته بين بعض الطالبات؛ فهناك من تشكو من شعورها بالتعب وهناك من تجدينها تنام طوال الحصة ومع المتابعة تكتشفين أنها لم تنم أو لا تحظى بمتابعة من قبل والدتها أو والدها؛ فهي لا تحل الواجبات ولا تحفظ ما هو مطلوب منها، لذلك تتفشى ظاهرة التمارض والرغبة في عدم الحضور للمدرسة بين هذه الفئة من الطلاب والطالبات؛ وهنا تقع على المدرسة والاسرة مسؤولية المتابعة والاهتمام بذلك للقضاء على هذه الظاهرة. صورة مثالية المعلمة "منيرة الحمد" تقول: هذه الظاهرة موجودة ومعاشة ولكنها موجودة أكثر في أوساط الطلاب والطالبات المدللين والذين يحظون باهتمام كبير ونجدهم يلجأون الى التمارض والبكاء وحتى الكذب على اسرهم للهروب من المدرسة او تحمل مسؤولية الدراسة وتحضير الواجبات المدرسية. وتضيف المعلمة "منيرة" من المفروض على الامهات الاهتمام بتربية الأبناء والبنات بصورة مثالية فيها مجالات الترغيب والتحبيب لكل ما له علاقة بالمدرسة والدراسة، إضافة الى الدور الكبير الذي تلعبه المعلمة أو المعلم في نشر عناصر الفرح بين الاطفال ونشر ثقافة الفرح والبهجة وجعل المدرسة أشبه بالبيت الكبير. شبح الخوف وتقول "ام صالح" معلمة وتربوية سابقة: ان المعلمين والمعلمات لهم دور كبير في إبعاد شبح الخوف والرهبة من المدرسة ونشر الفرح والسعادة بين الطلاب والطالبات لتشجيعهم ومضاعفة وعيهم بالمدرسة، وهذا يبدأ من اول يوم يأتي فيه الطالب أو الطالبة للمدرسة فعندما تحسن إدارة المدرسة كيفية التعامل مع هؤلاء الصغار ومنذ البداية تكون علاقة حميمة بينهم وبين المدرسة ومن ثم الاهتمام بالطفل وتشغله بأشياء تربطه بالاجواء المدرسية وتحببه فيها. حالات خاصة وتوضح الاخصائية الاجتماعية "عفاف العلي" أن هذه الظاهرة على الرغم من كونها موجودة، الا نه لا يجب ان تنسحب على مختلف الاطفال، ولا يمكن ان نلقي باللوم والتبعات على الاهل أو حتى المدرسة، فكل حالة تمارض تسجل في هذا البيت أو ذاك هي حالة خاصة يجب ان تدرس بذاتها، لكن من المفروض ومن خلال متابعة إدارة المدرسة لملف غياب الطلاب أو الطالبات أن تدرس كل حالة لوحدها ومعالجة البواعث والمسببات، فهذا افضل ومن خلال تجربتي في عملي أن الحياة العصرية ووجود اجهزة التلفزيون وسهر الطلاب والطالبات وعدم نومهم المبكر ساعد في عدم نومهم بصورة كافية الامر الذي يجعلهم يفضلون الكذب على اسرهم بترديد القول: بأنهم مرضى ويعانون من ألم في أجسادهم. مسؤولية البيت والمدرسة وتحدثت الطبيبة "هدى عبدالفتاح" اخصائية أطفال ان ظاهرة التمارض هي باختصار عملية هروب من المدرسة؛ وهي موجودة منذ القدم وليس لها علاقة بالعصر والتقدم، فموظفون كبار نجدهم يتمارضون بل يطالبون بالحصول على تقارير تؤكد مرضهم للهروب من العمل، ونفس الشيء يعمل اطفالهم، فهم تعلموا "الكذبة" من آبائهم، إذ نجد بعضهم يتمارض لأسباب عديدة أهمها أنه لم ينم كفاية بالقدر الذي يجعله على استعداد للقيام بواجبه نحو المدرسة، إضافة الى تمارضه بسبب خوفه من المعلم أو المعلمة لعدم قيامه بحل واجباته طالب يتمارض ووالدته وضعت الكتب المدرسية على سريره لكنه فضل النوم المدرسية، وبالتالي لا يجد أمامه سوى التمارض، ولقد راجعني العديد من الأمهات بصحبة أطفالهم وبعد الفحص اكتشفت أنهم لا يعانون من أي شيء. وعن علاج هذه الظاهرة قالت: لاشك أن للأساليب التربوية الحديثة دوراً في القضاء على الظاهرة عندما تكون المدرسة مؤسسة تربوية تشجع منتسبيها ومن خلال معلميها ومعلماتها على حب المدرسة، وذلك عبر نشر النشاطات وتشجيع الطلاب والطالبات بالكتابة في كراساتهم عبارات التقدير والتشجيع ومازلت أذكر إلى اليوم كلمة "أحسنت" كتبتها معلمتي وأنا في الفصل الاول لقد اشعرتني هذه العبارة بالسعادة وحب هذه المعلمة بصورة لافتة، وكانت والدتي ووالدي فخورين بي وهما يطالعان تلك العبارة، وهكذا نجد ان مسؤولية معالجة هذه الظاهرة تقع على المدرسة والبيت قبل كل شيء.