** نادرون هم الناس الذين يحملون نفس شجاعة الأمير تركي الفيصل.. ومدى صدقه.. واحترامه لعقول الناس.. واعترافه بظروف مصافحته لنائب وزير الخارجية الإسرائيلي في مؤتمر الأمن بميونخ.. ** فقد قال الأمير بالحرف الواحد.. في معرض إجابته على سؤال عما اذا كان قد ندم على ذلك قال: ( ان المصافحة كانت بطلب من نائب الوزير الإسرائيلي بعد فهمه لرفض جلوسي معه على منصة واحدة وطلبه منه تناسي هذا الأمر.. ولانه لم يكن ممثلاً رسمياً للحكومة فقد اتخذ القرار وصافحه.. لأن المصافحة لم تكن تعني شيئاً بالنسبة له) وأضاف سموه قائلا: ( أستطيع الآن أن أقول وبعد تفكير.. إن ما حصل تنطبق عليه المقولة : "المرجلة تحضر وتغيب" ، ومن خلال القول بأن المرجلة غابت عني وقتها).. مضيفاً.. (انه لا ينصح أي دبلوماسي سعودي بأن يصافح أي دبلوماسي إسرائيلي).. ** أقول إن هذه الشجاعة النادرة هي التي نحتاجها في زمن اختلطت فيه الأمور.. وتداخلت المواقف تداخلاً شديداً.. حتى ظن البعض يومها ان المملكة العربية السعودية تقوم بعملية مراجعة لسياساتها التقليدية تجاه إسرائيل .. في ضوء الدعوة الأمريكية الملحة للعرب لتنشيط سياسة التطبيع معها.. والاعتراف بوجودها حتى قبل التوصل إلى اتفاقية سلام.. ** هذا الاعتقاد الخاطئ .. ظهر في أعقاب تلك المصافحة المفاجئة لأنه ما كان بإمكان أحد أن يتصور إقدام شخص في مثل مقام.. وخبرة.. وعقل الأمير تركي الفيصل على عمل كهذا.. بمبادرة شخصية ودون ترتيب سابق.. وتوقيت مناسب كهذا.. ما لم يكن هناك شيء من ذلك التوجه. ** واليوم يجيء كلام الأمير تركي الواضح والصريح والأمين ليؤكد خطأ هذه التصورات .. ويوضح معها أن الاجتهاد والخطأ هو مسألة بشرية.. وان العقلاء والواثقين من أنفسهم والكبار بعقولهم.. وبصدق نواياهم.. وسلامة قراراتهم هم الذين يمتلكون الشجاعة في الأوقات الصعبة .. ويتحملون المسؤولية ولا يتهربون منها .. ولا يترددون في الاعتراف بخطأ أي اجتهاد قد يصدر عنهم .. وهو ما نحتاج إليه في هذا الزمن الأغبر.. ضمير مستتر: ** [ لا يقلل الاعتراف بالخطأ من قيمة الكبار بل يزيد من أرصدتهم واحترام الآخرين لهم]