إقبال بعض الشبان والفتيات على المواقع الإباحية أو القنوات الفضائية المشفرة، أو ربما بعض الكتب التي يسوق لها بكثرة بسبب "المادة الجنسية"، فلماذا اللهاث الكبير حول المادة الجنسية وكأن هناك صراعاً على موضوع الجنس والانقضاض عليه بشكل مخيف؟ وهل لتغييب تلك الثقافة في النقاشات الجادة والواضحة مع الأبناء دور في التخبط الذي قد يحدث لهم؟ أم أن لمناهجنا التعليمية والمؤسسات الاجتماعية دوراً كبيراً في غياب الحوار في المحيطات الأسرية والتربوية التعليمية؟. الممنوع دائماً سامر شاب في العشرين من عمره، عاش فترة مراهقته في صراع نفسي وفكري كبير، وفي تخبط في البحث عن معلومات ومشاهد توضح لديه الصورة الحقيقية للثقافة الجنسية التي كانت مغيبة في بيته، حيث تربى على الممنوع في أكثر الأمور بساطة، ومع مجموعة الأفكار المشبعة في رأسه بالفضول انطلق إلى أصحابه ليتبادلوا كل الوسائل التي تسرب إليهم الأفكار المغلوطة عن العلاقات الحميمة والثقافة الجنسية المغيبة في الحوارالأسري؛ حتى أصبح يستهدف في مرحلة عمرية معينة كل مايمكن أن يدخله على ذلك العالم دون أن يفكر أو يسأل هل مايشاهده ويسمعه صحيح أم خطأ؟، وعندما دخل مرحلة العشرين وجد نفسه لديه الكثير من المعلومات غير المقننة فيما يخص الثقافة الجنسية، وبأنه وقع فريسة لمواقع إباحية مسمومة وثقافة خاطئة فبدأ يصحح ثقافته. ولاتنكر "سحر عبدالله" طالبة في الثانوية بأنها تحمل توقاً كبيراً في معرفة كل مايدار عن الثقافة الجنسية؛ وبأنها حصلت على بعض الروايات التي تصف تلك العلاقة كنوع من التثقيف عن طريق زميلتها في المدرسة والتي أخذت تتبادل الكتب بين قريناتها وكأن هناك ما يحمل الفتيات على الخوف منه! موضحة أن الفتاة غالباً ما تدور في مخيلتها الكثير من الأسئلة التي تحتاج لمن يجيب عليها، ولأن الأسرة هي الحلقة الأضعف ومن تقوم بموقف الجلاد فقط دون أن تكون في موقف الصديق فقد لجأت إلى صديقاتها ليتبادلن المعلومات، لاسيما بعد أن رفضت "والدتها" ذات يوم أن تتحدث أمامها عن بعض التفاصيل الخاصة بتلك الثقافة، ووصفتها بأن تلك المعلومات للكبار فقط وربما تلك العبارة هي التي أشعلت فتيل الفضول لدى "سحر" فبدأت تفتش خارج المنزل عن ما هو "للكبار فقط" وما لا يحق لها أن تعرفه في المنزل ومن الأهل. العلاقة مع الأبناء وتجد "أم زياد الحمادي" بأن على الوالدين أن يقوما بمسؤولية كبيرة تجاه الأبناء بالوقوف مع رغباتهم العمرية المتفاوتة عن طريق الحوار والمصارحة والنقاش؛ فقد اعتادت أن تتحول إلى صديقة لأبنائها حتى أنها طلبت منهم حينما يرغبون بالقيام بأي فعل حتى وإن كان غير جيد يقومون بفعله أمامها ولا يخفون ذلك حتى يتسنى لها الاطلاع على كل ما يفكرون به، حتى شعرت بأن أبناءها خاصة المراهقين لا يترددون في الحديث عن أفكارهم بوضوح ودون خجل فنشأوا بشكل سليم ودون أفكار مغلوطة فيما يخص الثقافة الجنسية وذلك مايجب على كل أم أن تفهمه. خطأ التغييب كما أكد المشرف على موقع التفكير الإيجابي الأستاذ والمدرب "نايف الشريم" أن من أهم الأسباب التي تجعل هناك اندفاعاً كبيراً من قبل الشباب والشابات على البحث عن الثقافة الجنسية من خلال المواقع الإباحية أو بعض القنوات الفضائية؛ هو تغييب الثقافة الجنسية لدى الأبناء منذ سن الطفولة حتى سن البلوغ والحذر من ذلك من قبل الوالدين وذلك خطأ، إلا أن ذلك البحث يأتي بهدف التثقف والبعض يمرون بمراهقة تدفعهم إلى الفضول، ومن الملاحظ خاصة في بعض معارض الكتب بأن هناك إقبالاً كبيراً على بعض الروايات التي تشرح وتتحدث عن ذلك الجانب، حتى أن الكميات تنتهي بسبب لهاث الشباب لاقتناء هذا النوع من الثقافة، داعية إلى تعزيز التنشئة الدينية في نفوس الناشئة، وأن يكون هناك علاقة وحوار إيجابي داخل الأسرة، بما يسمح للمراهق أن يطرح أسئلته دون حرج، مع أهمية تصحيح مفاهيمه الخاصة دون تحديد سن معين لهذه المرحلة.. الثقافة الجنسية حاجة أما فيما يخص تغييب الثقافة الجنسية في مناهجنا الدراسية وأهمية تعليمها فيرى عضو هيئة التدريس بقسم المناهج وطرق التدريس ووكيل كلية التربية لشؤون الأكاديمية بجامعة الملك فيصل د.زكي بودي أنه لا خلاف عن حاجة الإنسان لهذه الثقافة؛ ولكن بقدر معين وخلال فترات زمنية غير المرحلة العمرية، حيث جرت العادة أن يمر الإنسان بمجموعة من التحولات، ومن المعلوم بأن هناك أكثر من مؤسسة نظامية أو شبه نظامية تقوم بهذا الدور في بث الوعي الثقافي لكلا الجنسين، كما أن هناك دوراً يقع على الأسرة في نشر ذلك الوعي وكذلك على المؤسسات الإعلامية وللأسرة في كيفية استخدام الأبناء لوسائل التقنية الحديثة "كالإنترنت"، كما أن هناك دوراً يقع على المؤسسات الدينية كالمساجد من خلال خطبة الجمعة أو حتى بعد الفرائض، ولا شك بأن كل مرحلة عمرية تحتاج إلى منهجية معينة في التعامل، غير معتقد بأن يكون هناك لهاث كبير حول هذه الثقافة الجنسية لدى الشباب ولكن قد يكون هناك تضخيم بسبب الدورالإعلامي خاصة من قبل القنوات الفضائية التي أصبحت تبث بعض المسلسلات الدخيلة المترجمة والتي تنقل ثقافة مجتمعات أخرى، لذلك لا بد أن يكون للأسرة دور في الرقابة الأدبية على الأبناء، حتى وإن كانت تلك المسلسلات تنطلق من جوانب رومانسية فمعرفة عمر الابن ومايحتاجه من ثقافة له أهمية كبيرة فالاحتياج لا بد أن يتناسب مع عمره العقلي وليس الزمني، موضحاً أن وسائل التقنية الحديثة كالانترنت لا بد من اقتنائها وأصبحت ضرورة بحيث يصعب منعها خاصة في ظل هذه الثورة المعلوماتية والتي يحتاجها الكبير والصغير، ولكن السؤال الأهم في كيفية توظيف ذلك الجانب بالشكل الإيجابي، خاصة بأن نسبة من يقرأ قليلة إذا ماقورنت بمن يسمع ويشاهد، غير معتقد بوجود نقص في المناهج الدراسية في إشباع هذه الثقافة إلا أن المناهج عادة ما تكون لها منهجية واضحة في إيصال هذه الثقافة ولكن خلال مراحل التعليم العام واضعين في الاعتبار التغيرات الفسيولوجية وأيضا التغيرات الثقافية والتدرج في إيصال المعلومة.