قبل أكثر من عقدين من الزمان كانت المشكلة الوحيدة التي تواجه المواطنة السعودية المتخرجة من كليات البنات هي أن يكون مقر عملها خارج الحي الذي تقيم فيه وبمرور السنين اكتفت المدارس داخل المدن وتكدس في بعضها ضعف حاجتها من المعلمات والإداريات فبدأ تعيينهن في الضواحي والهجر والقرى المجاورة وازدادت معاناتهن مع مرور السنين بتعيينهن في مناطق نائية تفتقر الى الطرق والخدمات الأساسية. وصعوبة أو استحالة حصول الجامعيات على وظائف حكومية في الوقت الحالي يبرره المسؤولون باكتفاء المدارس بحاجتها من المعلمات لكن لا يمكنهم تبرير وجود مواطنات متفوقات بشهادات عليا عاطلات عن العمل وكليات البنات تعاني من نقص شديد في اعضاء هيئة التدريس السعوديات ولأن هذه الحقيقة معروفة للجميع فقد توجهت مواطنة سعودية حاصلة على شهادة دكتوراه أصلية من جامعة الملك سعود في تطوير التعليم ولها خبرة تزيد على عشرين عاماً في مناصب قيادية الى جامعة تعاني من نقص في اعضاء هيئة التدريس السعوديات وتتعاقد سنوياً مع عشرات الاجنبيات اضافة الى تعاقدها مع أكاديمية خاصة لتدريس طالبات السنة الأولى وعدم تدقيقها في تخصصات وقدرات مدرسات هذه الأكاديمية لأسباب تخفى (دوافعها) على حسن نية مثلي وطلبت العمل فيها فتمت مقابلتها من قبل متعاقدة عربية تحمل شهادة غير معترف بها فاعتذرت عن تعيينها بحجة ان ليس لها نصيب عندهم !! والمشكلة ليست في التخصصات النظرية فقط فهناك طبيبة نساء سعودية تعمل في مستشفى الشميسي مدة تزيد على عشرين عاما أصبحت استشارية نساء وولادة بعد عمل ودراسة وكفاح طويل وبينما كانت تنتظر تقديرها ونقلها لمستشفى كبير فوجئت بنقلها الى قرية تبعد عن مدينة الرياض خمسمائة كيلومتر بحجة عدم توفر وظائف استشاريات في الرياض وانه لا توجد إلا وظيفة استشارية نساء في تلك القرية البعيدة ولابد أن تباشر العمل فيها فاضطرت الى التقاعد والعمل في مركز طبي ضخم مجاور لمنزلها ترك لها حرية تحديد مواعيد عياداتها ومنحها مزايا مادية ومعنوية جعلتها تتحسر على سنوات الضياع في مستشفى الشميسي وبيروقراطية وزارتي الصحة والخدمة المدنية . فإذا كانت كليات البنات قد اكتفت من حاملات شهادة الدكتوراه في تخصص تطوير التعليم ولا يوجد فيها أي متعاقدة أجنبية في هذا التخصص فان عدم حصول الدكتورة السعودية على الوظيفة له ما يبرره وكان الله في عونها ويمكنها البحث عن عمل في الدول المجاورة ؟ وإذا كانت مستشفيات وزارة الصحة في مدينة الرياض قد اكتفت بحاجتها من استشاريات النساء والولادة ولا يوجد فيها أي متعاقدة أجنبية فان نقل الطبيبة السعودية الى قرية بعيدة له ما يبرره أيضا وندعو لها بالتوفيق في عملها الجديد ؟ أما إذا كان في كليات البنات متعاقدات يحملن نفس شهادة المواطنة السعودية ومستشفياتنا لازالت بحاجة ماسة الى استشاريات نساء وولادة فانني لن أناشد كعادتي الجهات المعنية النائمة المتبلدة التي كنت اعتقد واهماً أنها ستبادر للقيام بواجبها. وسأكتفي بدعاء المولى القدير أن يصلح أحوالنا.