لا شك أن القاعدة القانونية تلبي الحاجة القائمة، والأنظمة تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة للوطن والتسهيل على المواطن في أمور حياته، وحيث إن الوقائع متجددة والنصوص محصورة فقد أعطت الشريعة الحق لولي الأمر في تنظيم مصالح العباد بشرط أن لا يتعارض النظام مع الكتاب والسنة ويحقق مقاصد الشريعة والمرامي التي تهدف إليها، ولهذا فإن كل نظام لا يتعارض مع الشريعة في أصل حكمه ولا يلحق الضرر والتضييق بالناس في مجال تطبيقه يكون العمل به جائزاً، وان تخلف ذلك الشرط كان النظام باطلا لا يجب العمل به شرعا ونظاما، كما نص على ذلك النظام الأساسي للحكم. وقضية مضاعفة المخالفات المرورية أصبحت مثيرة للجدل والخلاف في ما يتعلق بأصل الحكم الشرعي والجانب التطبيقي له وما يترتب عليه من الضرر، مما تقوم الحاجة إلى إعادة النظر في إعمال المادة الثالثة والسبعين من نظام المرور التي تنص على: تحرر مخالفات السير بموجب نموذج ضبط موحد ومعتمد، يحدد المخالفة، والمدة المقررة لدفع قيمتها. وللمخالف دفع الحد الأدنى للغرامة لأقرب إدارة مختصة في مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ تحرير المخالفة بموجب إيصال رسمي. وعلى الإدارة المختصة في حالة عدم التسديد في المدة المقررة إلزام المخالف بدفع الحد الأعلى للغرامة. وتحدد اللائحة إجراءات ضبط المخالفات والمدد المقررة لدفع قيمتها. وكما أسلفنا فإن مضاعفة الغرامة من قبيل التعزيز المالي بهذه الصورة قد أثارت جدلا حول انطوائها على مخالفة لأحكام الشريعة في أصل الحكم لعلة الربا من جهة والتضييق على الناس من جهة أخرى قال تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون). وفي الجانب التطبيقي تحتسب الغرامة من تاريخ المخالفة وقد لا يتم إدخالها في الحاسب الآلي الا بعد انتهاء فترة السداد أو مقاربتها على الانتهاء وهذه فيه من التضييق والمشقة على المسلمين ونوعا من التعسف في استعمال الحق في التعزير بالعقوبات المالية بما يتعارض مع مقاصد الشريعة ولا يحقق الهدف من العقوبات بصورة خاصة وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به). ونخلص الى أن الكثير من الأنظمة القانونية الوضعية في دول العالم تمكن السائق المخالف من المثول أمام المحكمة للطعن في صحة المخالفة المرورية والنظر في آلية السداد والظروف المخففة وإمكانية الإعفاء منها بما يضمن تحقيق وحماية العدالة، وهذه الدولة المباركة التي تعتبر قبلة المسلمين وقدوتهم لتحكيمها شريعة رب الأرض والسماء التي تحرم الربا وأكل أموال الناس بالباطل والتشديد عليهم، وحريصة على رفاهية مواطنيها ولديها من الوسائل ما يمكنها من تطبيق النظام واحترامه وإلزام المخالف بالسداد دون الحاجة إلى التضييق على المسلمين بتنظيمات وافدة أو بتخريجات فقهية واهية، قال تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون). *محامي