عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً السؤال ما حكم مضاعفة الغرامات المالية للمخالفات المرورية، كأن تكون الغرامة لها حد أعلى وحد أدنى، فإذا لم يسدد المخالف في حدود الثلاثين يوماً من تاريخ المخالفة زيدت إلى ضعفها، أو قريب من ذلك؟ الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصحابته أجمعين، وبعد: فإن الالتزام بأنظمة المرور عند قيادة المركبات –أمر ضروري وشرعي لا تجوز مخالفته، وولي الأمر له الحق في تقرير الأنظمة والقوانين ووضع الجزاءات المالية والعينية بما يراه محققاً للمصلحة العامة مما لم تخالف نصاً شرعياً؛ لأن الله قد كلف الولاة بالعدل وحسن الرعاية بالناس وسياستهم، وكلف الرعية بالطاعة وحسن النصيحة له. ولما كثر الحديث عن مضاعفة الغرامات المالية للمخالفات المرورية رجعت إلى نظام المرور الصادر بالمرسوم الملكي رقم (85) وتاريخ 26/10/1428ه وإلى لوائحه التنفيذية، فوجدت المادتين (73.68) هما المتعلقتان بالغرامات المالية ومضاعفاتها. وبعد النظر والتأمل أقول: إن المادتين المشار إليهما أعلاه في نظام المرور يدخلان في (الربا) المحرم شرعاً. ووجه ذلك أن الغرامة المالية هي دين للمرور على المخالف يتعين عليه بموجب هذا النظام تسديدها. وقد حدد لها النظام حدين: أدنى وأعلى. فإذا لم يسدد المخالف الغرامة في حدود شهر فإنها تضاعف عليه –سواء لمرة واحدة أو أكثر- وهذا عين (ربا النسيئة) المحرم بإجماع العلماء، وهو ربا الجاهلية كما جاء في موطأ الإمام مالك عن زيد بن أسلم قال: (كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق (الدين) إلى أجل، فإذا حل الأجل قال: أتقضي أم تربي؟ فإذا قضى أخذ، وإلا زاد عليه وأخر له الأجل). وأقترح أن تعدل صياغة الغرامات دون تغيير في تحديدها في المادة (68) لتصبح دون حد أعلى أو أدنى كالآتي: الغرامة رقم (1) 900 ريال. الغرامة رقم (2) 500 ريال. الغرامة رقم (3) 300 ريال. الغرامة رقم (4) 150 ريالاً. وتعدل المادة (72) لتصبح كالآتي: [تحرر مخالفات السير بموجب نموذج ضبط موحد معتمد يحدد المخالفة وإذا سدد المخالف الغرامة في مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ تحرير المخالفة فتخفف الغرامة في حقه لتصبح كالآتي: الغرامة رقم (1) 500 ريال. الغرامة رقم (2) 300 ريال. الغرامة رقم (3) 150 ريال. الغرامة رقم (4) 100 ريالاً. ويمكن أن يخرج هذا الصنيع ويكيف من الناحية الشرعية على حديث ابن عباس لما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإخراج بني النضير جاءوا إليه، وقالوا: إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ضعوا وتعجلوا) وهذا ما عرف عند العلماء بقاعدة (ضع وتعجل) وإن منع جمهور أهل العلم هذا فقد أجازه بعض الفقهاء كابن عباس وزيد بن ثابت من الصحابة، وإبراهيم النخعي وطاووس والزهري وأبو ثور من التابعين، وعن الإمام أحمد فيهما روايتان بالجواز وهي اختيار ابن تيمية. وإن في الأخذ بهذا التعديل للمادتين المشار إليهما أعلاه –لمندوحة عن الربا المحرم ولا سيما أن العمل بهاتين المادتين بوضعهما الحالي في نظام المرور يتعارضان مع المادة (7) من النظام الأساسي للحكم والتي نصها (.. إن كتاب الله وسنة رسوله هما الحاكمان على جميع أنظمة الدولة). وهذا التعديل المقترح لم يغير روح ولا تحديد الغرامة المحددة بالمادتين المشار إليهما. ويمكن أن يعمم هذا التعديل ويعجل بإعلانه من صاحب الصلاحية دون اللجوء إلى اتخاذ إجراءات نظامية وقانونية من الجهة التي أصدرت النظام. لأن التعديل المقترح لم يخالف نص ولا معنى تلك المادتين. وقد كتبت للجهة المسئولة في هذا نصيحة لله ولرسوله وولاة الأمر؛ بياناً للحق وبراءة للذمة أسأل الله للجميع التوفيق والسداد.. وصلى الله على نبينا محمد.