تشير التحليلات الاقتصادية إلى أن "أوبك" في اجتماعها المقرر غداً ستتخذ قراراً بالمطالبة مجددا باحترام حصص الإنتاج لكن دون ممارسة ضغوط لفرض التقيد بها طالما أن الأسعار مرتفعة،بدلا من اتخاذ قرار بزيادة الانتاج الذي استنفد امره،وتم تجاوزه على ارض الواقع قبل البدء به نتيجة عدم التزام بعض الاعضاء بالحصص المقررة عليهم ب 1,7 مليون برميل يوميا.ومن المنتظر أن يراجع الاجتماع المنعقد في فيينا على مستوى الوزراء أداء اسعار النفط وتقدير اتجاهها في الفترة المتبقية من عام 2010،حيث سيُبحث مدى التزام اعضاء اوبك بالحصص المقررة،والتطورات الاقتصادية كالتغير في معدلات نمو الطلب على النفط والتعافي في الاقتصاد العالمي واتجاهات السياسات النقدية والتغيرات في المُناخ والتوظيفات الاستثمارية في الصناعة النفطية وآلية العرض والطلب وحجم الفوائض النفطية ومستويات المخزونات النفطية وتوظيفات المضاربين وتفعيل الملفات الجيوسياسية. وبحسب الخبير النفطي حجاج بو خضور الذي تحدث ل"الرياض الاقتصادي" فإن الفائض في المعروض عن الطلب سيحقق نمواً في الأسعار،ستبلغ في متوسطها فوق مستوى75 دولاراً للبرميل خلال عام 2010 على اعتبار أن نمو الطلب على النفط سيبلغ في هذا العام (1,6) مليون برميل يوميا ومع استمرار تعافي الاقتصاد العالمي ربما سيسجل (1,7) مليون برميل يوميا.وأضاف"إن العوامل الأخرى الداعمة لأسعار النفط ستكون فاعلة وستخلق قوة دفع تقفز بالاسعار فوق حاجز سقف 90 دولاراً للبرميل وستستحوذ السياسات النقدية في عام 2010 على النصيب الاكبر في التأثير على أسعار النفط". وأشار إلى أن السياسات النقدية التي تنتهجها الصين والولاياتالمتحدةالامريكية باعتبارهما أكبر مستوردين ومستهلكين للنفط في العالم سيكون لها الأثر الكبير في تشكيل مسار اسعار النفط،حيث ترى هاتان الدولتان أن معالجة الاختلالات في موازينهما التجارية يكون ب"لعبة السياسات النقدية".وأوضح بوخضور ذلك بشرح وجهة النظر الأميركية التي ترى أن على الصين أن تعيد هيكلة تقييم سعر صرف عملتها،بينما الصين على الطرف الآخر ترى أنها لن تستطيع مواجهة التحديات الاقتصادية والتغلب عليها إلا بالإبقاء على سياستها النقدية القائمة وعدم تغير سعر الصرف. وشرح بوخضور،"الولاياتالمتحدة الأميركية تعلل أن ضعف سعر صرف العملة الصينية (اليوان) مقابل الدولار يدعم الاختلال الواضح في المبادلات التجارية لمصلحة الصين التي لها فائض تجاري كبير على حساب ميزانها التجاري نتيجة انخفاض تكاليف المواد الخام والموارد البشرية بسبب سياسة تقييم سعر صرف (اليوان)،وذلك لجأ الفدرالي الامريكي إلى سياسة نقدية تعمد على خلق تضخم خارج الولاياتالمتحدة على السلع والخدمات غير الامريكية وذلك من خلال محورين أحدهما استمرار خفض سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى والآخر عن طريق تحكمها بسياسة أسعار النفط والسلع الرئيسية الأخرى". وأضاف،نتيجة لهذه السياسة النقدية الامريكية ارتفعت الضغوط التضخمية للأسعار في اقتصاد اكبر شركائها التجاريين،إذ صعد معدل التضخم السنوي لأسعار البضائع فى الصين تسليم المصنع إلى( 5.4%) في فبراير وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الى أعلى مستوياته خلال 16 شهرا وبلغ( 2.7%). وعن تقييمه لتجاوب الحكومة الصينية مع المطالب الأميركية،قال بوخضور إن المسؤولين الصينيين يرون أن عدم قدرة دول الغرب على معالجة المشكلات في هياكلها الاقتصادية هو الدافع وراء سعي واشنطن فى اتهام سياسة سعر صرف العملة الصينية بالتسبب في العجز الكبير الذي تواجهه ميزانيتها،وأن الفائض التجاري الخارجي بين الصين وشركائها التجاريين من الغرب يعزى بشكل رئيسي إلى الإختلاف في الهياكل الاقتصادية بينهما ولا يتعلق كثيرا بسعر صرف العملة بل على العكس من ذلك،حيث ترى الصين أن سياستها النقدية ونظام تقييم عملتها عالج الاختلالات الاقتصادية فهي عملت على تحقيق التوازن بين النمو من جهة واحتواء ضغوط الأسعار من جهة اخرى وهي التي جعلت منتجاتها تحقق الأفضلية التنافسية في السوق العالمية. ويؤكد"أمام هذه الاختلاف في السياسات النقدية بين الصين والولاياتالمتحدة سترتفع اسعار النفط وسيعاني الاقتصاد العالمي من تخمة التضخم قبل ان يستكمل تعافيه من الازمة المالية،فمن ناحية لن تتوقف الولاياتالمتحدة الأميركية عن تكبيل اقتصاديات شركائها التجاريين بالتضخم المستورد.ومن ناحية اخرى لن ترضخ الصين إلى طلب إعادة تقييم عملتها متعلله بالتوترات والضغوط العالمية وسياسة الحمائية الاقتصادية التي يفرضها عليها شركاؤها التجاريون،وبالتالي ستبقى دول اوبك على مستويات الانتاج التي اقرتها في ديسمبر 2008.