الازمة المتوقعة بين الولاياتالمتحدة واسرائيل منذ تولي نتانياهو وباراك اوباما الرئاسة في بلديهما اندلعت فقط الاسبوع الماضي. فاوباما لم يتساهل في اهانة نائبه جون بايدن المتمثل باعلان اسرائيل بناء 1600 وحدة سكنية شرقي القدس خلال زيارة نائب الرئيس لاسرائيل.وبدلاً من قبول الاعتذار الجزئي من نتانياهو وتهدئة الموضوع، بعث اوباما تحذيراً شديد اللهجة لرئيس الحكومة مطالباً اياه باتخاذ خطوات "تجسد التزاماته" في اطار العلاقات مع الولاياتالمتحدة وعملية السلام. الادارة الاميركية لم توضح تفاصيل الانذار وقائمة الطلبات التي قُدمت لنتانياهو ، لكن من الواضح ان استجابته للمطالب الاميركية ستزعزع ائتلافه مع أحزاب اليمين المتطرف "اسرائيل بيتنا" و"شاس"، كما انها ستثير معارضة قوية في حزب الليكود. واذا كان هذا ليس واضحاً لنتانياهو فقد قال مسؤول اميركي لوكالة الانباء رويترز بان وضع نتانياهو "خطير" بسبب ائتلافه اليميني. لقد وصل نتانياهو الى نقطة الحسم بين ايمانه الايديولوجي وشراكته السياسية مع اليمين، وبين حاجته للدعم الاميركي. ان معضلته كبيرة، فان اعلن عن تجميد البناء الاستيطاني او حتى تقييده في القدسالشرقية فسينهار ائتلافه الحكومي. واذا ما اختار المواجهة مع الادارة الاميركية مستنداً الى اصدقائه بالكونغرس ودعم الجالية اليهودية الاميركية تحت شعار "التزامهم بالعاصمة الابدية للشعب اليهودي"، فسيخاطر بالتعاون الامني والعسكري ضد ايران. نتانياهو يعلم جيداً بان الوقود وقطع غيار طائرات سلاح الجو، والانذار من الصواريخ الموجهة الى العمق الاسرائيلي تأتي من اميركا، ويدرك أيضاً بان لا حليف غير اميركا حيال التهديد الذي يشكله محود احمدي نجاد. وحتى هذه اللحظة امتنعت ادارة اوباما من ممارسة ضغط مكثف على نتانياهو خشية من ان يؤدي ذلك الى انهيار ائتلافه وخلق ازمة داخلية صعبة داخل اسرائيل. واقتنع عدد من كبار المسؤولين بواشنطن بان تكثيف المطالبة بتجميد اعمال البناء في المستوطنات وتفكيك البؤر الاستيطانية من شأنها أن تحدث انقساماً كبيراً داخل المجتمع الاسرائيلي وربما يتطور الامر الى تمرد في الجيش. وفي نوفمبر الماضي قبلت الادارة الاميركية التجميد المؤقت للبناء في مستوطنات الضفة الغربية، والاستمرار بالبناء شرقي القدس. وهذه المرة اعتقد نتانياهو بانه تجاوز الازمة بسلام بعد ان اعتذر لبايدن عن "التوقيت السيئ" لاعلان وزارة الداخلية عن خطة البناء في "رامات شلومو"، وقال له ان المشروع لا زال في اجرءات المصادقة عليه ولن يتم في السنوات القادمة. لكن رئيس الحكومة لم يعد بان الحي الجديد لن يُقام، او ان سياسة البناء في القدس ستتغير. كما ان خصومه في الادارة الاميركية وجدوا في ذلك فرصة لضرب نتانياهو وتحويل الموضوع الى "اهانة قومية" على طريقة وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ونائبه داني ايالون. فنائب الرئيس اهين في القدس، واميركا ردت له الاهانة. وقد نُقلت الرسالة شديدة اللهجة الى نتانياهو عبر عدة قنوات، عبر مكالمة تقريعية بالهاتف مع وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون، ومكالمة أخرى من نائب الرئيس بايدن، واستدعاء السفير الاسرائيلي بواشنطن مايكل اوران للتباحث مع نائب وزيرة الخارجية جيم ستاينبيرغ، وادانة الرباعية الدولية لاعمال البناء في القدس، والاهم من ذلك كله الحديث المفصل لهيلاري كلنتون للاعلام من خلال اللقاء الذي اجرته معها شبكتي (CNN) و (NBC) الاميركيتين اللتين حولتا الرسائل الدبلوماسية الى توبيخ علني لرئيس الحكومة نتانياهو . هذه اللقاءات التلفزيونية ذكرتنا بدبلوماسية "الكرسي المنخفض" التي استخدمتها وزارة الخارجية الاسرائيلية مع السفير التركي. وتناقلت وسائل الاعلام ان مكالمة كلنتون استمرت 43 دقيقة وان نتانياهو لم يجد وقتاً خلالها للرد. وقيل ان اوباما نفسه هو من صاغ الرسالة خلال اجتماعه بكلنتون الخميس الماضي. والاسبوع القادم سيكون نتانياهو في حالة ارتباك كبير ، وهو هل سيسافر كما هو مخطط للولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر "ايباك" ؟ ام يصر على رفض مطالب اوباما ويربك "ايباك" ويضعها في مواحهة الادارة الاميركية. ايضاً سيرفض كبار المسؤولين الاميركيين استقباله اذا لم يستجب ولو لجزء من المطالب الاميركية. ولكن اذا تراجع عن قرار السفر لواشنطن فان هذا سيكون بمثابة اعتراف بوجود هذه الازمة الدبلوماسية. الوف بن صحيفة هآرتس