طغت ردود فعل واسعة حول حادثة محاولة الشاب الثلاثيني الانتحار من أعلى مبنى إدارة النقل في تبوك خلال اليومين الماضيين واتضحت بجلاء على أحاديث المواطنين في مجالسهم ومنتدياتهم واتصالاتهم مستنكرين بشدة إقدام الشاب على هذه الفكرة التي وصفها الكثير منهم بأنها لا تمثل مجتمعنا الإسلامي والاجتماعي الإنساني المحافظ . ووصف مدير مركز شرطة السليمانية بمنطقة تبوك المقدم وليد الحربي اللحظات الأخيرة التي سبقت السيطرة على الشاب الثلاثيني بعد اعتلائه مبنى إدارة النقل المكون من أربعة طوابق بأنها كانت لحظات عصيبة وحبست أنفاس مراقبي هذه الحادثة قبل الجهات الأمنية التي شاركت في إحباط محاولة الشاب لإزهاق نفسه . وقال المقدم الحربي الذي قاد العملية النهائية للسيطرة على الشاب في تصريح ل (الرياض) انه بعد توجيه الكثير من المطالبات والمناشدات للشاب بالتراجع عن فكرة رمي نفسه من أعلى المبنى عبر مكبرات الصوت ولأكثر من ساعتين متواصلتين لم تتضح حينها أي نية لدى الشاب في النزول وطمأنة الجميع على سلامته رغم أننا لاحظنا تردده في الإقدام على فكرته في البداية ولكن بعد ساعتين وتحديدا بعد الساعة الحادية عشرة صباحا ظهرت علامات ارتباك كبيرة على ملامح وتحركات الشاب الذي اخذ يتنقل بسرعة فائقة على جوانب السور العلوي للمبنى وتوقعنا أن يتخذ قراره فعلا برمي بنفسه في أي لحظة خصوصا مع خوفنا أن يفقد التحكم في نفسه جراء الإجهاد البدني والعصبي الذي كان عليه فوق المبنى العالي وتحت أشعة الشمس الحارقة وفي هذه اللحظات رأينا بالتنسيق مع الزملاء في الجهات الأمنية الأخرى الصعود إلى الشاب متسللين فوق السطح رغم حذر الشاب واحتراسه من هذه الخطوة التي كانت متوقعة بالنسبة إليه وبادرت بالظهور أمامه أولا بعد وصولي إليه وكانت لحظات عصيبة لا تنسى بين الحياة والموت وحينها اظهر الشاب تضجرا وخوفا شديدا إلا أنني حاولت أن استميله بالهدوء والعقل وعندما أصبحت الخطوات بيني وبينه معدودة قلت له : إما أننا سنموت سويا أو سنحيا معا مما أضفى عليه كثيرا من الهدوء رغم تعنته ومحاولته الابتعاد عني وعن بقية زملائي الذين وصلوا لسطح المبنى وتزامن ذلك مع مراقبته للأوضاع أسفل المبنى حيث لمح في هذه اللحظات وصول أطفاله ورؤيتهم أسفل الموقع مما جعله ينهار على جسر السور العلوي وتمت السيطرة عليه رغم خطورة الموقف بفضل الله أولا ثم بجهود الجميع . ومن جهة أخرى علمت (الرياض) أن فكرة إحضار أطفال الشاب إلى الموقع كانت عن طريق المواطن عطالله المرواني وهو احد المواطنين الذي كانوا شاهدي عيان على الحادثة ورغم رفضه الحديث إعلاميا إلا انه استجاب ل (الرياض) وقال : الحمد لله الذي وفقني وجميع من حضر هذا الموقف الصعب من الجهات الأمنية والمواطنين في إنقاذ الشاب من محاولة رمي نفسه وأضاف بعد أن لاحظت أن الشاب يتعنت في الاستجابة لاستجداءات الحضور بالعدول عن فكرته بالانتحار طلبت من المسئولين في الموقع إحضار والدته ليشاهدها وحينها انبرى احد أقاربه الذي كان حاضرا الحادثة وأفاد أن والدته متوفية وحينها طالبت بإحضار أطفاله في محاولة أخيرة للتأثير عليه وهو ما تم ولله الحمد وقال إن تخصصي في علم النفس ساعدني بعد الله في التوصل إلى هذا الحل خصوصا أن دافع الشاب للانتحار كان بسبب تكاليف الحياة الكريمة وإعالته لأسرته على حد قوله رغم انه لا يوجد عاقل يتفق مع تصرفه الذي كان سيحرم أبناءه من رؤية والدهم لو قدر له الموت في هذا الموقف ومن الممكن أن تمتد آثار الحادث سلبيا على حياة أسرته والمحيطين به ولكن الحمد لله على ما آلت إليه الأمور بسلامة الشاب . من جهته أكد الناطق الإعلامي بشرطة تبوك العميد صالح الحربي ل (الرياض)انه تم إحالة الشاب الذي حاول الانتحار إلى مركز شرطة السليمانية بتبوك وسيجري تسليمه إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للنظر في قضيته خصوصا وأنها تندرج تحت قضايا النفس التي تنظرها الهيئة . وأشار إلى أن مبلغ الغرامة التي سجلت على حافلة الشاب لاتتجاوز عشرة آلاف ريال وقال انه حتى لوتمت مساعدة هذا الشاب والأخذ بيده فلا يجب أن يكون ذلك معلنا حتى لا يكون تصرفه نموذجا لغيره مضيفا انه لايوجد مبرر في العالم كله يسمح للإنسان بإزهاق نفسه دينيا واجتماعيا ونوه بأهمية دور أئمة المساجد والمعلمين في المدارس والأسر وبقية مؤسسات المجتمع في رفع مستويات الوعي لدى أفراد المجتمع والناشئة لمحاربة هذه التصرفات التي يحرمها ديننا الحنيف وتجرمها أخلاقنا الاجتماعية.