نجحت هيئة الاستثمار من خلال إقامة منتديات التنافسية بشكل سنوي أن تروج لنفسها وبشكل دعائي وان تشد انتباه أصحاب الأعمال وتقنعهم بان تلك المنتديات سوف تزودهم بالمعلومات الضرورية والتوصيات المفيدة لهم والتي يمكن أن تغير بيئة الأعمال إذا ما تم تطبيقها على ارض الواقع. لأنها تستعمل أدوات تسويقية بالصورة والعنوان، فنرى بروزاً واضحاًً لبروفسور اقتصاد الأعمال (مايكل بورتر) الذي يطلق عليه اسم أب الإستراتيجية الحديثة، ومطور استراتيجيه التنافسية 1980م، والميزة التنافسية 1985م، في تلك المنتديات التي تحمل بعض العناوين الرقمية التي يصعب على القارئ فك شفرتها، مثل برنامج 10/10 الذي سوف يحل محله برنامج 60/24/7 في نهاية 2010م، إنها فعلاً أرقام تدل على الإبداعية والطموح في المديين المتوسط والطويل، لكن التنافسية تبدأ من أسفل الهرم وليس من قمته، فهل لدينا الدعم الكافي للأعمال الصغيرة والمتوسطة الذي يبعدها عن شبح الفشل أو الإفلاس؟ إن الإجابة واضحة وتتمحور في مساهمة تلك المنشآت في إجمالي الناتج المحلي التي مازالت في نطاق 20% ومازال معدل التوظيف فيها متدنياً للغاية وإلا لما شاهدنا بطالة تتجاوز 9%. فقد صرحت هيئة الاستثمار انها تنوي طرح حلول تمويلية لدعم المنشآت الصغيرة التي وردت أسماؤها في مبادرة الشركات الأسرع نمواً، وهذه المنشآت تستحق الدعم ولكنه دعم موجه إلى القلة وليس إلى الكثرة، ما يعني أن مساهمة الأعمال الصغيرة في الاقتصاد السعودي سوف تبقى متدنية بل قد ينتج عن هذا الدعم قوة سوقيه لعدد محدود من المنشآت على حساب الأغلبية منها، ما سوف يؤدي إلى خروج العديد من الأعمال الصغيرة ونعود مرة ثانية إلى نقطة البداية، حيث إن شروط المنافسة كما وصفها (بورتر) تتركز على أربعة محددات من أهمها الشروط الأساسية التي تصف حالة عوامل الإنتاج من مهارات عمالية وتكلفتها ووفرتها، وفرة الموارد المادية ونوعيتها وتكلفتها وسهولة الوصول إليها ، نوعية وتكلفة راس المال المتوفر لتمويل المنشآت، نوعية البنية التحتية وتكلفتها، توفر المعلومات التقنية والعلمية والسوقية. فعلينا أن نؤسس المحدد الأول للتنافسية ثم ننتقل الى العوامل الثلاثة المتبقية حتى نستطيع أن نتحدث عن أسس التنافسية قبل أن نقفز إلى قمة التنافسية في ظل غياب تلك المحددات الضرورية لخلق تنافسيه مستديمة يمكن تطويرها. واذكر ان كثرة الموارد تخلق الإهدار بينما الندرة تخلق الإبداع والابتكار فكثير من البلدان أجبرتها ندرة الموارد على الابتكار، فعندما عانت سويسرا من قلة العمالة تخلت عن الساعات ذات الكثافة العمالة وركزت على الابتكار في صناعة الساعات في المراحل النهائية، أما المصانع اليابانية التي عانت من ارتفاع أسعار الأراضي قادها إلى ابتكار المخزون الوقتي بدلاً من الاحتفاظ بمخزون كبير على مساحات كبيرة، بينما السويد ابتكرت البيوت المصنعة مسبقاً بعد أن عانت كثيراً من نقص في المباني وارتفاع تكاليفها. فهل تستطيع الهيئة من خلال تلك المنتديات أن تبتكر طريقة ما تؤدي الى الإسراع في تنويع مصادر الدخل وذلك من خلال رفع مستوى مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسط الى ما يقارب 40% خلال الخمس سنوات القادمة؟ هذا كل ما نحتاجه لتفعيل الخطط والاستراتيجيات والتوصيات من خلال تقديم حزمة من العوامل القوية والمترابطة مع بعضها ودعم الصناعات الداعمة لتنافسية المنشآت على مستوى الموردين والصناعات المترابطة على المستوى الإقليمي وليس على مستوى الوطن، كما ذكر (بورتر) وذلك على نمط سيلكون فالي الأمريكية وصناعة السيارات في ديترويت مدشقن وصناعة الجلود في ايطاليا. *عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية * عضو الجمعية المالية الأمريكية