عقود وقعت وخطوات جريئة ومميزة تتطلبها نمو المدن الكبرى كالرياض التي أصبحت بعدد سكان دول الخليج مجتمعة , خمسة ملايين قاطن بهذه المدينة الصاخبة نهارا والمزعجة ليلا , وآخر هذه العقود هو إنشاء " مترو " الرياض , وقد يعقبه " مترو " جدة ومكة والمدينة بعد أن ينجز الكثير من البنية التحتية المنتظرة، ونموذج سيول جدة قائم . مترو الرياض المتوقع خلال سنوات خمس قادمة أصبح واقعاً مطبقاً وماثلاً أمامنا، إنه اصبح هدفاً تتطلبه حركة النمو في هذه المدينة الكبرى لكي تكون عاملاً مهماً في تقليص الزحام والحركة المرورية والاختناقات , ولكن السؤال المهم هنا , هل سيكون هدفا له الربحية أم هي خدمة عامة قد تخسر ؟ أي هل سيتم بناء هذا المشروع من مبدأ اقتصادي تماما ؟ التصور الأولي أنه تجاري لكي يستمر , فإذا كان الهدف تجاري فما هي التوقعات والدراسات لهذا المشروع كإيرادات وتشغيل وأرباح وغيره من المالية . سأضع أمام صناع قرار هذا المشروع بعض المعطيات التي برأيي ستؤثر جوهريا على المشروع من حيث النجاح والربحية , أولها أن المدن الرئيسية وشوارعنا لم تؤسس على أسس قيام نقل عام ومنها " المترو " المنتظر , وهذا سيكون مكلفاً جدا ناهيك عن أنفاق وغيرها, عدم وجود أي رسوم على مواقف السيارات بطول الرياض وعرضها والمملكة ككل فهي مجانية أين ما أوقفت سياراتك في شوارعها إذا لا تكلفة على أصحاب السيارات , لا توجد ضريبة على السيارات وتأمين عدى السائد وهو التأمين على الرخصة , النقل العام من " خط بلدة " ونحوه تكلفة قليلة وزهيدة جدا تضر بأي نقل عام قد يتم إنشاؤه فلا تكلفة ثابتة لديه ولديه تركيز على الخطوط الأكثر زحاما , وكثرة شركات النقل " ليموزين " وعشوائيتها وبدون تكلفة على الشركات وأيضا من يحول سيارته الخاصة إلى نقل أيا كانت السيارة , ورخص البنزين المبالغ به جدا لدرجة أن البنزين لدينا أرخص من الماء , وغياب المرور وعدم الانضباط والالتزام بالأنظمة المرورية أمور تشجع على المخالفات من وقوف خطأ واستخدام سيارات عفا عليها الزمن مما يشجع الكثير لاقتناء سيارات قد تصل قيمتها إلى 4 و 6 آلاف ريال , وارتفاع نسبة الملكية للسيارات الخاصة وقروض البنوك وتسهيلاتها وعدم تحمل أي أعباء مكلفة على السيارات يزيد من الملكية للسيارات وعدم الحاجة للنقل العام . هذه بعض الملاحظات لا الحصر لها , والتي توضح أن بلادنا " الأرخص " عالميا في شراء واستخدام السيارات وكل شيء مجانا من مواقف وتأمين " على السيارة " وبنزين الأرخص عالميا , فحين لا يجد المواطن والمقيم أي تكلفة للسيارة التي يشتريها ولا غرامات مرور أو تشدد فما الذي سيشجعه على استخدام المترو والذي ستكون خطوطه محدودة في البداية , في الدول الأوروبية وايضا دبي القريبة , يتم اللجوء للنقل العام والمترو لسببين " تكلفة " شراء السيارة من تأمين موقف يدفع بالساعة وبنزين مضاعف سعره وهذه كلها لا تنطبق علينا , وثانيا للزحام وهي موجودة لدينا ولكن هل سنتخلى عن سيارتنا وغيرها في ظل تكلفتنا المتدنية ؟ سؤال أوجهه لصناع قرار " المترو" ما هي آليات نجاح المترو لدينا في ظل هذه المعطيات ؟