طالب متابع لشؤون النقل والمرور بتأسيس هيئة عليا للنقل والمرور، للقضاء على ظاهرة الازدحام المروري، وتوحيد الجهود في جهة واحدة، بدلاً من تداخل المسؤوليات، كما هو الوضع حالياً، في قضايا النقل والازدحام المروري، بين المرور ووزارة الشؤون البلدية والقروية، وأمانات المدن. وقال م - عبدالعزيز بن محمد السحيباني في السنوات الأخيرة أصبحنا على واقع مرير في الشأن المروري وخصوصاً الزحام المروري داخل المدن الكبيرة وحتى الصغيرة.. فبعدما افقنا من معركة بناء الطرق والمدن في سنوات الطفرة والتي تم البناء فيها بسرعة ومحاولة استهلاك الاعتمادات المالية بأسرع وقت صحونا على واقع مزر في المدن وهو تكدس وسائل النقل المختلفة في الشوارع حتى إن بعض الطرق والشوارع تغص بالسيارات المارة بها نافثة سحابة هائلة من ثاني أكسيد الكربون، كنا نتحدث عن الحوادث المرورية وأن هناك مثلث تشترك فيه ثلاثة عناصر هي (المركبة، السائق، الطريق والبيئة المحيطة به) في حوادث المرور، ولكن يبدو أن مشكلة حوادث المرور بدت الآن أقل من مشكلة الزحام المرور وزيادة الطاقة الاستيعابية للطرق عن الحد الذي صممت له وبالتالي فإنه يمكن استنتاج ثلاثة عناصر أخرى هي السبب في الزحام المرور أو اثنين منها أو كلاهما أو احدهما (مثلث جديد). ويمكن استعراضها فيما يلي: أ- وسائط النقل.. وهي العربات الصغيرة.. أو الحافلات أو القطارات (وسائط نقل أرضية). ب- الطريق.. فسعة الطريق هي الأساس في استيعاب الزحام المروري فلو كان لدينا طريق بمسار واحد وهناك 100 سيارة تريد أن تعبر أحد التقاطعات فيه (إشارة ضوئية) فإنها ستقف لمسافة 1كم وتحتاج عدة دورات للإشارة الضوئية (زمناً أطول للعبور).. ولو كان هناك طريق آخر بعرض 50 مساراً فستعبر فيه السيارات بزمن قصير جداً قد لا يتجاوز ثوان.. ولو كان هناك طريق بدون إشارات ضوئية لكان الوقت أسرع أيضاً. ج- التخطيط للنقل.. وهو العنصر الأساسي الذي تنشأ عنه الطرق ووسائط النقل لذلك كان هو القاعدة.. وسأستعرض معكم عناصر الطريق متحدثاً عن: 1- الطرق الهيكلية في المدن وأهمية تخطيطها وصيانتها متحدثاً عن أحد نماذج تخطيط الطرق (للسيارة والماشي) وهو طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز. 2- تخطيط النقل ضرورة وجود (هيئة عليا لتخطيط النقل) في المملكة. إن المتتبع لحركة المرور في بلادنا يلحظ ازدياداً ملحوظاً في هذه الحركة وخصوصاً في المدن الكبرى مثل الرياض وهذه الزيادة تتبدل من كل شهر والذي يليه وذلك بسبب ازدياد النمو السكاني وازدياد معدل امتلاك السيارات الخاصة بل نلحظ توقفاً للحركة في ساعات الذروة لزمن طويل في بعض الشوارع الرئيسية وبالتالي فإنه لا بد من ايجاد حل جذري لهذه المشكلة وإذا ما سألنا من المسؤول عن هذا فإن البعض سيقول هو المرور.. والبعض سيقول وزارة النقل.. والبعض سيقول وزارة البلديات.. وكل هؤلاء كلامهم صحيح نظراً لتداخل مسؤوليات الجهات المسؤولة عن المرور وتنظيمه في بلادنا.. وبالتالي فإنه لا بد من ايجاد رابط يجمع هذه الجهات المشتتة وتفعيل دورها بشكل جدي للتفكير بالحلول وتطبيقها.. وعلى هذا فإنه لا بد من وجود جهة واحدة تنسق عمل هذه الجهات وتجمع جهودها وتؤازر بينها فنحن أمام تحد كبير له صلة بالاقتصاد الوطني وله صلة بالبيئة والصحة والحركة الزراعية والتجارية.. فكلما زاد الاختناق المروري زاد هروب الاستثمارات الوطنية فلا شك أن حركة البيع والشراء والتسوق تعتمد على السرعة في نقل البضائع وسهولتها وتوزيعها بشكل سريع وآمن.. وكذلك المتسوقون الذين يفضلون الطريق الحرة الحركة والسريعة الخالية من الازدحامات المرورية للوصول إلى منافذ الشراء والبيع.. ومن ناحية البيئة كلما تباطأت الحركة وازداد عدد السيارات زادت كمية الدخان المنفوث من عوادم السيارات وبالتالي زيادة تلوث الأجواء.. إن الجهة التي تربط هذه الجهات لا بد أن تكون على مستوى التحدي وبالتالي لا بد أن تكون على مستوى القرار ومستوى المسؤولية وحجم الوطن.. وأرى أن يكون مسمى هذه الهيئة (الهيئة الوطنية لتخطيط النقل وسلامة المرور) وتكون هذه الهيئة مكونة من مسؤولين على مستوى عال جداً لسلامة اتخاذ القرار المناسب وعلى مستوى التحدي ويمكن أن يكون هؤلاء: أ- وزير الشؤون البلدية والقروية. ب- وزير النقل. ج- وزير المالية والاقتصاد الوطني. د- مدير عام المرور. ويمكن أن تكون مهام هذه اللجنة كما يلي: 1 - دراسة مشاكل الزحام المروري في المدن وتحديد الأسباب التي نتج عنها.. وهل يكمن السبب في عدم تخطيط الطرق بالشكل الجيد الذي يضمن استيعاب حركة المرور المتزايدة أم أن السبب ناتج عن سوء استخدام هذه الطرق.. وأرجح شخصيا أن السبب الأول هو الذي نتج عن هذا الزحام المروري الهائل في المدينة إضافة إلى «تخطيط النقل» ويعنى به تحديد وسائل النقل ووضع خيارات متعددة أمام المنقول للاختيار بين السيارة الخاصة له أو بين خيارات ووسائل أخرى لم يتم وضعها أمام المواطن ومن هنا فإنه يجب: أ - إجراء مسح شامل ووضع استبيان لتقصي أماكن انطلاق ونهاية الرحلات (O - D) أي معرفة الاتجاه ومحطة البداية ومحطة النهاية لسالك كل طريق من الطرق وبعد مسح شبكات الطرق وأهداف الرحلات يمكن المقارنة بينها ومعرفة أهدافها ويمكن وضع فقرة في هذا الاستبيان لمعرفة سبب استخدام السيارة الخاصة وهل السبب اجتماعي، أم زمني، أم اقتصادي.. وبناء على هذا المسح الشامل يمكن معرفة البدائل والحلول الممكنة لحل مشاكل الزحام.. فإن كان السبب زمنيا يمكن دراسة ايجاد وسائل نقل سريعة «حاملات بدون توقف» أو قطارات سريعة من الشمال للغرب، ومن الشرق للجنوب داخل المدينة واذا كان السبب اقتصاديا.. يدرس ايجاد وسائل نقل قليلة التكلفة بحيث تكون تكلفتها أقل من تكلفة استهلاك الوقود «البنزين». ب - بعد المرحلة الأولى وهي المسح والاستقصاء ووضع البدائل الممكنة، يتم وضع الخيار والبديل الأنسب موضع الحل الميداني واعتقد أن السبب في عدم وضع الحلول المقترحة موضع التنفيذ هو الحاجة إلى اتخاذ القرار على مستوى أعلى أو بسبب عدم توفر التكاليف.. ولهذا فان يجب دراسة الهدر الاقتصادي الناجم والناتج على الناتج القومي الوطني بسبب حوادث المرور ومشاكل الزحام المروري.. فهناك آثار مباشرة وآثار غير مباشرة.. فمن ضمن الآثار المباشرة أن زيادة الزحام ستكون سبباً في هروب رؤوس الأموال لعدم توفر البيئة المناسبة وهي سرعة حركة التسوق ومن الجانب الآخر هروب المتسوق نفسه لعدم توفر عامل السرعة سواء في الوصول إلى منافذ البيع والتسويق.. او في كلفة النقل للمواد والبضائع وغيرها.. ومن الآثار كذلك زيادة تلوث البيئة التي تسبب نفورا للسكان من المدينة وزيادة في تكاليف ازالة التلوث.. كذلك الحواث المرورية التي تنشأ بسبب كثافة حركة المرور واستنفارهم يومياً لتنظيم حركة السير.. وكذلك تكاليف زيادة وسائل السلامة المرورية.. انه لو تم حساب هذه التكاليف واضافتها للناتج القومي لكانت شيئاً كبيراً ورقماً ضخماً يجب تداركه.. ج - قد يكون السبب الناتج عنه هذا المشاكل المرورية هو عدم توفر الرؤية الواضحة للسبب.. وعدم توفر التكاليف اللازمة لحل هذا المشكل.. وفي رأيي أن هذين السببين هما السببان الرئيسيان في عدم الالتفات لحل هذه المشكلة.. أما في حالة عدم وجود «هيئة وطنية» تأخذ على عاتقها البدء الفوري بالحل عن طريق: 1 - محاولة اشراك القطاع الخاص والمستثمرين الوطنيين والأجانب «عن طريق الهيئة العليا للاستثمار» في ايجاد مشاريع نقل مريحة ويمكن بناء البنية الأساسية لها عن طريق الدولة «مثل ايجاد شبكة من خطوط قطارات المترو» او القطارات المعلقة ووضع المستثمر في جو تنافس اقتصادي مريح بالنسبة له وبدعم من هذه الهيئة. 2 - تعليق الجرس.. فالواقع الحالي هو الهروب من الواقع.. فالمرور يلقي باللائمة على البلديات والأمانات، والأمانات تلقي باللوم على المرور أو وزارة النقل وهؤلاء جميعا يتذرعون بعدم توفر التكاليف المادية. دون أن يقولوا ما هي الحلول وماهي تكاليفها.. وهذه الهيئة المقترحة ستجمع شتات هؤلاء وتستعين بالدراسات الموجودة من قبل الجامعات وغيرها مثل اللجنة الوطنية لسلامة المرور. وتبدأ مشوار الألف خطوة بخطوة صحيحة.