حيث إنه يوجد كثير من الناس الذين يعانون من الملل أو الروتين أو الرتابة أو الفراغ وذلك مثل الطلاب في الاجازات وكذلك المتقاعدين وعدد كبير من الناس في نهاية الأسبوع بالاضافة إلى آخرين، لذلك فإن الكل يبحث عن وسيلة يكسر من خلالها روتين الحياة المتكررة والمملة والتي يتم التفريج عنها حالياً بما لا يخرج عن الزيارات المتبادلة أو الذهاب إلى التسوق أو الخروج إلى الصحراء أو التجمع في إحدى الاستراحات ؛ لذلك فإن البحث عن وسائل مساندة ومعاضدة لتلك العادات يوفر للناس بدائل ومتنفسا يتمكن الرجل وأسرته وأبناؤه من زيارتها بين الفينة والأخرى. ولعل من أهم ما يسند تلك الأنشطة والفعاليات إنشاء بعض المرافق التي تخدم هذا التوجه وذلك مثل الحدائق العامة الكبيرة الحجم داخل المدينة بحيث لا تقل مساحة الواحدة منها عن خمسة ملايين متر مربع لأن مثل تلك المساحة كفيل بأن يستوعب عددا كبيرا من الناس ومن الفعاليات مثل مضامير للمشي والجري والجلوس والمطاعم والأكشاك وملاعب مفتوحة لكرة الطائرة والسلة ناهيك عن وجود مطاعم ثابتة ومتنقلة وعروض متنوعة تسمح للزائر بأن يقضي نهاراً كاملاً يتنقل بين المرافق المختلفة لذلك المتنزه ناهيك عن وجود امكانية للشوي والطبخ الذاتي.. أما المرافق الأخرى التي يمكن ان يتم تبنيها والتي يوجد نماذج مصغرة منها محدودة الفعالية بسبب غلائها أو بسبب محدودية تواجدها فإن من أهمها العمل على إنشاء مراكز ترفيه في مناطق متعددة من المدينة الواحدة يشتمل كل منها على عدد من الفعاليات الترفيهية والثقافية والتي تشكل في مجملها وسيلة من وسائل الجذب السياحي وذلك مثل: إنشاء مراكز ثقافية وترفيهية تشتمل على المرافق التالية: * مكتبة عامة حديثة مجهزة بكل وسائل التقنية الحديثة ووسائل الجذب والراحة وتتكون من فروع وأقسام مناسبة لكل التخصصات والأعمار. * مرافق رياضية ترفيهية مثل البولينج والتنس والبلياردو وألعاب اللياقة. * مرافق رياضية متخصصة بتعليم ألعاب الدفاع عن النفس مثل الجودو والتايكوندو والملاكمة والمصارعة الحرة وقواعدها مع العلم أن بعض تلك المرافق موجود ولكن على نطاق ضيق وأسعار مبالغ فيها لا يقدر عليها إلا عدد محدود من الناس. * مسابح كبيرة تُعلم فنون السباحة وتجرى فيها المسابقات وعلى الرغم من توفر ذلك في الأندية الرياضية والجامعات وعدد محدود جداً يديره بعض المستثمرين الصغار إلا انه يظل محدود الفعالية وبعيداً عن متناول الغالبية. * دور وقاعات للعروض المختلفة والتي يوضع لكل منها جدول زمني يعلن عنه عبر الصحف والانترنت وغيرهما من الوسائل ولعل من أهم تلك الفعاليات: معارض الفنون التشكيلية والمعارض الصغيرة المتخصصة مثل قصص الأطفال والروايات الجديدة ودواوين الشعر وغيرها مما يتم افتتاحه على المستوى المحلي ولا يتم التعريف به ناهيك عن المحاضرات التثقيفية والتنويرية والدعوية. عرض بعض الأفلام المختارة القديمة والحديثة والتي تقرب البعيد حيث ان كثيرا من الناس يشدون الرحال لمشاهدتها في دول الخليج وغيرها من دول الجوار. ان الأفلام السينمائية تحتوي على كثير من الفائدة وبعض منها يحتوي على كثير من الاسفاف وبالتالي تكون مهمة تلك الدور والقائمين عليها والرقابة العامة اختيار المناسب منها واستبعاد غير المناسب ومنعه أو تنقيحه. عرض بعض المسرحيات بصورة منتظمة بدلا من جعلها مقترنة ببعض المناسبات والأنشطة الاحتفالية. وفتح الباب أمام استضافة بعض المسرحيات الهادفة من الدول المجاورة والصديقة. ان المسرح والمسرحيات وسيلة تعبير وتثقيف ونقد وإيحاء ايجابي يمكن أن يستخدم لمحاربة الإرهاب والتفحيط والفساد ويدعم الإصلاح والتطوير ووحدة الكلمة والتوجه. إن كل تلك الايجابيات وغيرها تظل في حاجة إلى الاستفادة من كل الوسائل والسبل التي تعززها بما في ذلك المسرح الذي لا تزال هويته السعودية مغيبة بالمقارنة ليس مع الدول المتقدمة بل مع دول الخليج العربي التي نشترك معها في التركيبة الاجتماعية والعادات والتقاليد ناهيك عن أن مجلس التعاون الخليجي ومكتب الخليج العربي للتربية والثقافة والعلوم يجب أن يكون من أولى أولوياتهما توحيد عناصر الإعلام والتربية والثقافة والعلوم سواء في المناهج أو التوجهات الثقافية الأخرى. ان المسرح الجامعي وكذلك مسرح التلفزيون وكذلك المسرحيات المحدودة تعتبر محاولات يحسن ترسيخها على أن يتم جعل المسرحيات أكثر جدية من حيث البعد عن الاسفاف والاستخفاف بعقل المشاهد والمتابع وألا يكون الغرض منها فقط الإضحاك بأي وسيلة. إن أهم ما سوف يشد من أزر المسرح هو الجدية ورفع مستواه الإخراجي والفني والنصي. إن الناس في حاجة إلى وجود مسرح ملتزم يقدم مسرحيات مفيدة ومسلية ذات أبعاد تثقيفية وتنويرية وترفيهية. وإذا نجحت تلك الأبعاد فإن المسرح سوف يصبح وسيلة جذب سياحي. لقد كشفت المسرحيات التي تقدم أيام الأعياد عن عشق كثير من الناس وتعطشهم للمسرح حيث امتلأت القاعات بالمشاهدين والمتابعين للمسرحيات في الأعياد، ولا شك أن للمسرح فوائد كثيرة فهو يمارس نشاطه تحت سمع وأنظار الجميع من عامة وخاصة وبالتالي سوف يكون أداؤه ملتزما بما تفرضه الأغلبية والمصلحة من جهة ، كما انه يمكن ان يكون مرنا بحيث يقبل القائمون عليه النقد الايجابي وأن يتعاملوا معه على انه يمثل الرأي العام وليس فئة محدودة من المجتمع سواء كانت ليبرالية أو محافظة. إن المسرح وسيلة ترفيه بريء يبعد الشباب عن قضاء وقت فراغهم في غير المفيد أو في بعض التجمعات غير الصحية في الاستراحات والتي اكتشف ان لبعض منها علاقة بالإرهاب والاتجار بالمخدرات أو تصنيع الخمور أو غير ذلك من الممارسات الضارة وغير السوية. ناهيك عن الحد من التسكع والتجوال في الشوارع والتفحيط وإرباك حركة المرور والتسبب في بعض الحوادث أو التسمر أمام قنوات فضائية مشبوهة. إن انشاء مسرح وطني متكامل يخضع للسيادة النظامية والرقابية أصبحت مطلبا يحتاجه الجميع. وقبل أن يعلق من يؤيد أو يرفض عليه الموازنة بين المحاسن والمساوئ وسوف يجد ان المحاسن طبقاً لمتطلبات اليوم ووسائل الترفيه فيه سوف تغلب. إن منع بعض وسائل الترفيه والجذب السياحي التي يمكن التحكم فيها ومراقبتها هو دعوة لمن يبحث عنها بأن يتصرف ويبحث عن البديل بطريقته وهذا مما يساعد على رواج الأفلام الإباحية وغير السوية في السوق السوداء وهو نفس السبب الذي يدفع بكثير من الشباب إلى السفر إلى البحرين أو غيرها من دول الخليج أو غيرها من الدول في اجازة نهاية الأسبوع أو الاجازات الأخرى لمشاهدة مسرحية جديدة أو فيلم سينمائي جديد رغم ما يكتنف ذلك من مخاطر السفر والتكلفة المادية وغيرها من المخاطر التي نسمع عنها في كثير من الأحيان. السيرك إحدى الفعاليات الترفيهية المعروفة والسيرك يمكن أن تقام فعالياته في مكان ثابت أو يكون متنقلا. هذا وقد تمت استضافة عدد من فعاليات السيرك في أيام الأعياد وله جماهيره إلا أن المكان والزمان كانا محدودين وبالتالي كانت الاستفادة والانطباع أيضاً محدودين. إن الفعاليات الترفيهية للسيرك متعددة ويدخل في ذلك مشاهدة الحيوانات المدربة والسير على الحبل المشدود والحركات البهلوانية والرياضية والقفز والمشي على النيران وغير ذلك من الفعاليات المسلية. إن إقامة سيرك وطني واستضافة السيرك العالمي والعربي ومن الدول الإسلامية والصديقة كفيل بجعل فعاليات السيرك ممتعة ومتنوعة على أن تقوم الرقابة بحذف كل الفقرات التي تتعارض مع الثوابت العقدية والثقافية لهذا المجتمع الناهض. إن توسيع دائرة الاهتمام بالتجارب العالمية يوسع دائرة الثقافة ويلاقح بين الأفكار والتجارب ومن ذلك الاستفادة من النواحي الايجابية لوسائل الترفيه والجذب السياحي.. نعم لقد سبقنا العالم في مجال الاستثمار في مفردات الترفيه والسياحة حتى أصبح عائد ذلك الاستثمار من أهم مقومات الدخل القومي لبعض الدول؛ لذلك يجب علينا أن ندخل ذلك المضمار مستثمرين وباحثين عن الوسائل التي تمكن مجتمعنا من الاستمتاع بوقت الفراغ والقضاء على الروتين وكسر الملل وتدوير رأس المال محلياً. إن الاستثمار في تلك المجالات يصبح أنجح وأكثر ربحية إذا كانت أسعاره في متناول الجميع لأن الكم في هذه الحالة مطلوب للاستفادة من الكيف المحقق في هذه المجالات. وعلى الرغم من وجود بعض مرافق الترفيه لدينا إلا أن هناك عوامل تحول دون الاستفادة الكاملة منها من قبل الجميع وذلك مثل محدودية قدرتها الاستيعابية وارتفاع تكلفة الدخول إليها والاستمتاع بها ناهيك عن محدودية المكان وتخصيص نوعية المستفيدين حيث يتم منع أفراد الأسرة الواحدة من الاستمتاع مع بعضهم البعض، لذلك فإن أي فعالية ترفيهية لا تستفيد منها الأسرة مجتمعة تظل ناقصة ومحدودة الفائدة وبالتالي يترتب على ذلك قلة تكرار زيارتها. نعم ان القيام بدراسة ميدانية وعملية تستقرئ أداء الناس وتحدد توجهاتهم ومطالبهم لما يرونه مناسبا من وسائل الترفيه أصبح ذا أهمية كبيرة خصوصاً مع الزيادة المطردة في عدد السكان وارتفاع نسبة الشباب بينهم، وهم الذين يحتاجون إلى مزيد من الاهتمام والاحتواء بوسائل متعددة من ضمنها وسائل الترفيه التي يحتاجون إليها على أن تكون متنوعة ومناسبة وملتزمة ومرنة تغنيهم عن البحث عن بديل غير مناسب تفرضه عليهم الظروف وأصدقاء السوء ووقت الفراغ والفضائيات الموجهة وغير المراقبة والعمالة السائبة التي تروّج لكل ممنوع وبالتالي مرغوب ناهيك عمن يروج للمخدرات أو يجند للإرهاب أو يمهد لتوطين الجريمة مثل السرقة والاغتصاب أو غيرهما من الجرائم. إن البطالة والفراغ وعدم استثمار الوقت مهلكة. لا شك أن المسرح والسينما والسيرك مصطلحات جديدة/ قديمة على مجتمعنا حيث ان بداية تعرّفه عليها شابها كثير من التشويه وقليل من الايجابية والسبب ان الآخرين اساءوا إلى تلك المنتجات الثقافية حيث حصروها في نطاق ضيق تمثل في التركيز والاعتماد على الاسفاف والاستعراض الجسدي والتبرج والرقص مع ضحالة في المحتوى وتواضع في الفائدة وذلك كله يرجع إلى أن السينما ولدت في ظروف استثنائية تتمثل في حقبة الاستعمار من ناحية ، وتسطيح الفكر والثقافة العربية من ناحية أخرى لذلك فإن الرفض لتلك المنتجات بسبب اساءة الآخرين استخدامها وانتاجها واخراجها سوف يجعلنا لا نستفيد من ذلك المنتج ولا نستطيع أن نكون أصحاب الريادة في إعادة توجيهه إلى مساره الصحيح. إن السمعة السيئة للسينما جاءت نتيجة لسوء استخدامها والجميع يعلم ان أي منتج ثقافي أو غيره يعتبر سلاحا ذا حدين حيث يمكن ان يستخدم للاصلاح ، ويمكن ان يستخدم للإفساد والخياران يعتمدان على من توكل له المهمة. إن من يتتبع الأفلام التي تنتج في الغرب يجد انها تحتوي على كثير من الفائدة وقليل من الاسفاف فهناك أفلام علمية ووثائقية وخيالية وطبية وبيئية وفضائية وفلكية وبوليسية وجريمة منظمة وتاريخية وعسكرية وسياسية بالاضافة إلى الأفلام التي تهتم بالرذيلة ومفرداتها لذلك فإن الانتاج السينمائي المسؤول له أهمية كبيرة في نشر الوعي والانفتاح المطلوب والاتصال بالآخر وتعريفه بمقوماتنا الثقافية والحضارية وبمرتكزاتنا الفكرية وبدورنا الأممي وهذا ما فعلته أمريكا حيث غزت ووصلت إلى أغلب شعوب العالم عن طريق الإنتاج السينمائي. والله المستعان.