شركة تويوتا الآن تواجه أزمة الخلل التقني الذي أدى إلى أن تسحب الشركة ملايين السيارات عبر العالم، وهذا سيكلفها عدة مليارات من الريالات، وهذا يحدث باستمرار سواء من شركة تويوتا أو غيرها من شركات السيارات بالعالم، وخرج رئيس شركة تويوتا السيد "إيكو تويودا" وهو حفيد مؤسس شركة تويوتا بمؤتمر صحفي وقبل أن يبدأ "انحنى" اعتذارا عن الخطأ وأيضا تعهدا وضمانا بإصلاح الخطأ، هل انتهى كل شيء هنا؟ لا، لم ينته فقد شنت الصحافة اليابانية هجوما لاذعا على شركة تويوتا باعتبار أنها تأخرت بتحمل المسؤولية ،ووصلت الثقة لديها أنها لم تتعامل مع الأزمة والخطأ بمراحله الأولى، وأن هذا الخطأ "سيهز" عرش الصناعة اليابانية في العالم كرمز للثقة والجودة والمبادرة والقيادة. لم تتوقف صحف "يوميوري شيمبون" و "نيكيي" و "أساهي شيمبون" عن النقد اللاذع جدا للشركة لأن المساس الآن يصل "لسمعة اليابان" الصناعية، وتدخل وزير الخارجية الياباني السيد "كاتسويا أوكادا" وأعرب عن قلقة على "سمعة اليابان". اليابان قائمة على قدم وساق حيال هذه القضية، وكل الصحف في العالم تعلن عبر موزعي تويوتا أن كل مالك للسيارة التي وجد فيها الخلل الفني أن يأتي للموزع أو الوكيل لإصلاح سيارته مجانا وضمان تام من الشركة. حين نقرأ مثل هذه الأحداث في هذا العالم وعالم الشركات العالمية في الدول الصناعية الحقيقية، نضع أسئلة ليس من قبيل جلد الذات أو ماذا نفعل نحن أو هل نطبق منهجيتهم سأتجاوز هذه المرحلة، ولكن أتحدث عن "ثقافة" و "المسؤولية" لدى الشركات في القطاع الخاص أو حتى الدولة، هل شهدنا مرة واحدة بنكاً قدم تعويضاً؟ أو مستشفى تحمل مسؤولية؟ أو الخطوط السعودية خرج أحد ويعتذر ويعوض ماليا؟ أو حفريات سقطت بها سيارات وحدث ضرر ووفيات؟ أو طفلة أو طفل سقط في مجرى صرف صحي؟ أو وكيل سيارات عطبت سيارة مباعة جديدة وعوض صاحبها؟ أو وفاة مريض بخطأ طبي؟ أو تسمم غذائي أو مشروبات؟ أو غيره كثير مما يصعب حصره أو تحديده؟ ليس لدينا ثقافة شركة تخطئ أو تتجاوز أو تخفق أن يخرج رئيس الشركة للجميع وبمؤتمر صحفي ويعتذر ويتعهد بتعويض أو على أقل تقدير يستقيل، ليس لدينا ثقافة الجهة الحكومية أن تقول أخطأ طبيب أو بلدية أو مطار أو طائرة أو حق من حقوق المواطن ويقول "نعتذر" وسنقدم التعويض، لم تنشأ هذه الثقافة بأي صورة كانت عدى بعض الشركات في القطاع الخاص وقليل جدا منها لسبب وحيد أن تفقد حصتها السوقية أو تخسر وتخرج من السوق. لا يمكن تنمية ثقافة "التعويض" و "الاعتذار" إلا بتطبيق العقوبات، وهي الإجبار على التعويض والاعتذار أو الإقالة بالنظام والقانون، حين تعرف كل شركة سواء كانت خاصة أو حكومية أن هناك "حساباً" قد يصل لإغلاق الشركة أو إزالة "الشخص" نفسه، سنجد الالتزام التام الذي سينهجه الجميع، ولكن في ظل سياسية لا حساب ولا عقاب و "تعتيم" واستحالة الحصول على الحقوق للمواطن أيا كانت، فمن أين ستتوفر ثقافة "التعويض" و "الاعتذار"؟؟!!