لا يبدو أن أوضاع نادي الاتفاق ذاهبة نحو الاستقرار، لاسيما بعد أن خرج الفريق خالي الوفاض من البطولة الرابعة هذا الموسم، إثر إقصائه على يد الفتح من دور ال16 لبطولة كأس ولي العهد، بعد خسارته بنتيجة 1-3 في المباراة التي جمعت الفريقين في ملعب الأخير في الأحساء. وشكل الخروج صدمة جديدة لأنصار النادي، الذين لم يفيقوا من الصدمات الثلاث التي تلقوها إثر إقصاء الفريق أولا من الدور الأول لبطولة الأندية الخليجية التي مثل فيها الكرة السعودية، ثم مغادرته مبكراً لبطولة كأس الأمير فيصل بن فهد، وبعد ذلك فشله الذريع في دوري "زين" السعودي للمحترفين، حينما قدم نتائج مخيبة ألقت به في مؤخرة الترتيب قبل أن يعالج بعض أوجاعه في الجولات الأخيرة ليتقدم خطوات قليلة للأمام هارباً من شبح الهبوط. - وعود متبخرة وجاءت الصدمة الاتفاقية بعد وعود قدمتها إدارة النادي بتصحيح الأوضاع التي أزمت أحوال الفريق، وانعكست على نتائجه، وحضور بشكل عام، منذ أن دشن خطواته الأولى في الموسم الجاري، عبر التغييرات الجذرية التي طالت خارطة الفريق، سواء بتغيير الأجهزة الإدارية أو الفنية، وكذلك اللاعبين الأجانب. وكانت الإدارة قد تعاقدت مع المدرب الروماني إيوان مارين خلفاً للبلغاري مالدينوف الذي أقيل من منصبه، ليحل مكانه مؤقتاً المصري صابر عيد الذي لم يكن أوفر حظاً من سلفه، كما عينت محمد الدوسري مديراً للفريق بدلاً عن سلمان حمدان الذي خلف في ذات المنصب زكي الصالح الذي أقيل بعد سلسلة أخطاء إدارية فاضحة أبرزها هروب اللاعبين الأجانب. وبالإضافة إلى ذلك فقد استبدلت إدارة النادي طاقم اللاعبين الأجانب كاملاً، إذ تعاقد مع الرومانيين دوريل ستويكا، وكيرستيان دانيالا، والأمريكي وايت جيرميا، والعماني بدر الميمني، الذين حلوا بدلا عن الجزائري والبنمي الهاربين الحاج عيسى وغارسياس، والمغربي يونس المنقاري، والعماني خليفة عايل. وبدا الشارع الاتفاقي محبطاً بعد صدمة الخروج المبكر من كأس ولي العهد، خصوصاً وأنها البطولة التي تبدو أسهل بالنسبة للفريق، قياساً بالبطولات الأخرى، وقد ظهر ذلك جلياً على ردود فعل أنصار النادي، سواء في أحاديثهم العامة او الخاصة، أو من خلال من تناقلته منتديات النادي الإلكترونية، حيث ظهرت حالة سخط عارمة على مسيري دفة القرار في النادي. -تعددت الأسباب ويرى لاعب الفريق السابق والمدرب الوطني الحال سمير هلال أن السبب الرئيس لواقع الاتفاق المأزوم يعود إلى عدم وضوح الهدف قبل بداية الموسم، وهو الذي أفرز العديد من الإشكالات بعد ذلك. ويعدد هلال جملة أسباب أخرى أبرزها: "الاختيار غير جيد للمدرب السابق مالدينوف، بالإضافة إلى فترة الإعداد التي لم تكن كافية للدخول في موسم طويل وشاق، إلى جانب الاختيار غير الموفق للاعبين الأجانب". ولا ينسى سمير هلال الإشارة إلى عوامل أخرى عانى منها الفريق خلال مشواره إذ يقول: "الفريق تأثر بغياب مهاجمه صالح بشير بداعي الإصابة؛ لكن ما زاد العبء على الفريق أكثر هو وجود لاعبين محليين لا يصنعون إضافة له، فضلا عن أن اللاعبين الأجانب لم يحدثوا أي تأثير منذ دخولهم للفريق". ويركز هلال بشكل أكبر على واقع الفريق الراهن إذ يحمل المدرب إيوان جزءا من المسؤولية من خلال قراءته غير السليمة في بعض المباريات، مشيراً في الوقت ذاته إلى تذبذب مستوى بعض اللاعبين في الآونة الأخيرة. ولا يغفل نجم الفريق السابق التغييرات الإدارية التي حدثت في الفريق حيث يعتبر أن تغيير أربعة إداريين خلال الموسم سبباً مباشراً في إرباك أوضاعه، لافتاً إلى معاناة الفريق من التحكيم في كثير من المباريات. ويقدم سمير هلال روشتة علاج لإدارة النادي تحمل حتمية التخطيط بشكل جيد للموسم المقبل، وعمل تقيم شامل للاعبين المحلين والأجانب واخذ قرار بأبعاد البعض أو الإبقاء عليهم، وتشكيل لجنة فنية مهمتها اختيار اللاعبين وتقييم العمل الفني، وإعادة الفريق الأولمبي والتعاقد مع مدرب كفء للإشراف عليه، وأهمية تقييم الفئات السنية، ومدى تغذيتها للفريق الأول. -التحكيم وأشياء أخرى ولأن أهل مكة أدرى بشعابها كما يقولون، كان لازماً ان يكون للإداريين الذي عملوا في الفريق هذا الموسم موقفهم من هذا الواقع الذي ألقى بظلاله على نتائج الفريق ومستوياته، فكانت هذه الوقفة مع إداري الفريق السابق عبدالله المسند الذي لخص الأزمة في ثلاثة جوانب: إدارية وفنية وتحكيمية. ويبدأ المسند من حيث أزمة الفريق مع التحكيم إذ يقول: "الأخطاء التحكيمية تعتبر جزء من اللعبة في كل مكان، إلا أنها هنا تعتبر جزءاً من استصغار الأندية الأقل نفوذا سواء على الصعيد الإعلامي أو الشرفي". وينتقل المسند لحلقة الإدارة إذ يرى أن الفريق عانى من بعض الأخطاء الإدارية، لاسيما فيما يتعلق بالتعاقد مع اللاعبين الأجانب، ودفع ضريبة الأسلوب التقليدي في التعاقدات، بجلب لاعبين غير معروفين وذلك بالاعتماد على ما يقدمه السماسرة، في وقت كان بالإمكان توجيه متخصصين فنيين للعب هذا الدور المهم، وهو ما ساهم في إهدار ملايين الريالات على صفقات غير ناجحة. ويتحول المسند للحديث عن الجانب الفني إذ يقول: "إيوان مارين نجح في إعادة توهج "فارس الدهناء"، وإبراز جزء من شخصيته؛ ولكن أخطاءه كثيرة، ويحتاج معها إلى مناقشة، بدليل أنه صرح للصحافة الرومانية حينما أشار إلى أن إدارة النادي تكتفي باحتساء الشاي ولا تتدخل وهذا يضع أكثر من علامة استفهام". ويتابع: "الإدارة يجب ان تتدخل وتناقش برنامجه وأمور أخرى مثل إبعاده لبعض اللاعبين، كما في قضيته مع اللاعبين محمد الشهراني وصالح بشير، فضلا عن إحضاره للاعبين اقل من مستوى لاعبي الاتفاق، وعدم مزاوجته بين الفكر الأوربي والفكر المحلي، من خلال برنامجه التدريبي القاسي الذي لا يراعي فيه الأجواء هنا، وفضلا عن ذلك خيارته الفنية سواء عبر اسلوبه التكتيكي أو اختياره للعناصر والتي نتج عنه الخسارة الاخيرة من الفتح". -الفتح ورصاصة الرحمة ولأن الغليان يلمس بشكل أوضح لدى الجماهير، توجهت "دنيا الرياضة" إلى حيث المدرج الاتفاقي، ففيه كان صوت الألم مسموعاً جراء الجرح الغائر، وهو ما جعل المشرف العام لشبكة "فارس الدهناء" سمير الطيب يصرخ قائلاً: "لقد طفح الكيل، فنحن نسير من فشل إلى فشل، حتى فقد الاتفاق هويته، وأضاع تاريخه". ويضيف والألم يعتصره: "السقوط المرير أمام الفتح، هو نتاج طبيعي لخيبات الأمل التي عايشنها منذ بداية الموسم، والتي بدأت بالنتائج المخيبة في الدوري، وتواصلت بالفشل في البطولة الخليجية، ثم بالخروج المذل من بطولة كأس الأمير فيصل بن فهد". ويعتبر الطيب الخسارة المدوية من الفتح بثلاثية ساحقة بمثابة رصاصة الرحمة ويضيف: "لا أعلم ماذا تنتظر إدارة عبدالعزيز الدوسري حتى تعلن استقالتها، إن فعلت ذلك فسنشكرها، فقد اكتفينا بما قدمته من تاريخ، والذي أصبح اليوم كفقاعة صابون، فنادينا لم يعد يقارن بالأندية الكبيرة، بل أصبح من الأندية البسيطة، وفي هذا الزمن لا مكان للبسطاء". ولا يبرئ الطيب ساحة جماهير النادي من المسؤولية، إذ يعتبر موقفها إزاء ما يجري سلبياً، ويضيف: "كل ما يحصل للكيان الاتفاقي يتحمله الجمهور بنسبة 100%، فقد أثقلتم كاهل الاتفاق بمدحهم وتمجيدهم لأشخاص يحتلون مواقع في النادي دون أن يضيفوا أي شيء، فصبراً جميلاً والله المستعان".