قلت في مقال سابق إن مشكلة الاتفاق لن تحلها إقالة مدرب، ولا إعفاء إداري، ولا تشكيل لجنة ثلاثية للإشراف على الفريق، ليقيني بأن المشكلة أكبر من ذهاب شخص ومجيء آخر، لأنها وكما وصفتها قضية فكر، وأزمة إدارة. لقد اُعفِي زكي الصالح من منصبه، وخلفه سلمان حمدان، ثم محمد الدوسري، وغادر البلغاري مالدينوف مقعده، وجلس عليه المصري صابر عيد أولاً، ثم الروماني إيوان مارين، وتحلق ثلاثي مجلس الإدارة (الدوسري والزياني والمعيبد) حول الفريق، فهل تغير شيء؟.. أبداً!. لم يتغير شيء، بل إن الأمورتبدو بأنها تسير نحو الأسوأ، فأن يهزم الفريق برباعية من الشباب في الدوري، ويخسر من الخليج في كأس الأمير فيصل بن فهد، وهو المتذيل لدوري الدرجة الأولى، فذلك يؤشر على حقيقة واحدة، هي أن الفريق يسير للوراء، ولا يتقدم للأمام، وهنا يأتي السؤال، ما السبب؟! السبب الذي يعرفه الكثير من الاتفاقيين، ولا يريدون الإفصاح عنه خشية إغضاب الممسكين بناصية القرار في النادي، هو أن الاتفاق يدفع اليوم فاتورة الأخطاء الاستراتيجية التي وقعت فيها الإدارة على غير صعيد، وأهمها التسويف في التجديد للمدرب أندوني حتى اختطفه الأهلي الإماراتي، وتعويضه بمالدينوف الفقير فنياً، وتغيير الثلاثي الأجنبي (البرنس، باولو سيرجو، صلاح عقال) رغم نجاحهم اللافت، وتعويضهم بلاعبين لا يدانونهم في المستوى (عايل، والمنقاري، وغارسياس)، ثم الطامة الكبرى بقرار العبث بخارطة الفريق إلى حد تشويه معالمها؛ بدليل أن التغييرات طالت ما يعادل 70% من تشكيلة الفريق التي كانت تشارك في دوري أبطال آسيا، إن على مستوى اللاعبين الأجانب أو المحليين، وزاد الأمر سوءا تعويضهم بلاعبين إما منسقين لانتهاء صلاحيتهم الفنية، أو لكونهم لا يمثلون خياراً أساسياً أو حتى احتياطياً في فرقهم، ليصح الاتفاق ملجأ من لا ملجأ له. المصيبة الأكبر حينما تتزامن الأخطاء الاستراتيجية الفنية، مع أخطاء استراتيجية إدارية، كما حدث في أزمة رعاية النادي، التي بدأت ذيولها منذ العام الماضي بعقد مرر للإعلام والجماهير على أنه عقد إعلاني، بينما كان عقد رعاية شامل، وبمبلغ يعتبر زهيداً، ولا يعبر عن قيمة ناد بحجم الاتفاق؛ لكن النادي دفع ضريبة أخطاء (المفاوض)، الذي تواصلت أخطاؤه هذا الموسم حينما نام على وسادة وعد لم يغنِ الاتفاقيين ولم يسمنهم من جوع!. وتزداد المأساة الاتفاقية بعدم قدرة الإدارة على التواصل الإيجابي مع شرفيي النادي؛ ويكفي فشل الاجتماع الأخير الذي جاء بعد غياب لأكثر من خمسة أعوام، دون طموح أنصار النادي، إن على مستوى الحضور، إذ غاب أبرز الشرفيين، أو على مستوى التفاعل، إذ جاءت التبرعات شحيحة حد الخجل من ذكرها!. هذا غيض من فيض واقع الاتفاق، وإلا فما خفي أعظم.. أولم أقل لكم إن الأزمة أكبر من إعفاء إداري، واستقدام مدرب، وتشكيل لجنة؟