بعض المراهقين مشغولون بقصص الحب حتى النخاع .. لعلها طبيعة العمر الذي يهدر عنفوانه في عروقهم .. ينامون ويستيقظون تشغلهم كل لفتة وكل كلمة ويتيهون مع دواوين نزار وأغنيات أليسا .. يعتبرون كل حدث يحدث حولهم هو علامة تتعاطف معهم وتخبرهم أنهم على الطريق الصحيح .. فأشعة الشمس وقطرات المطر وسرب الطيور والنسمة العليلة وفيلم لجوليا روبرتس على القناة الثانية هو أيضا علامة ! لكنهم أيضا يعانون من تجاهل الكبار لمشاعرهم واستهانتهم بها .. وبعض الكبار الذين يستهينون بمشاعر المراهقين غارقون بدورهم في ذات المشاعر .. فإن لم يكونوا فيها فعلا عاشوها أمنية وحلما .. حين يسخرون من حب الصغار لابد أن يكملوا عبارتهم بأن هؤلاء لا يعرفون معنى الحب أو قيمته وقد يقولون " لن يدرك هؤلاء قيمة الحب إلا حين يكبرون" هؤلاء الكبار الغارقون في أمنياتهم والممتلئون غضبا على جفاف أيامهم والمعترضون على تقلب مشاعر أبنائهم هم الذين زرعوا الديناميت في أساس علاقاتهم .. هم الذين باسم المنطق والعقل والحكمة وتعاقب الأعوام أغلقوا نوافذ الامل وبنوا أسوار الجمود وعلقوا رايات الوقار ثم جلسوا على الحطام أباطرة حزن لا ينتهي .. هل تعتقدون أن بإمكان شخص أو مدينة أو حتى أهل قارة أن يحجبوا أشعة الشمس إذا مدوا كفوفهم الموتورة نحوها ؟ أو هل يمكن لكل الجامدين أن يبسطوا في السماء بساطا يمنع عنا سقوط المطر ؟ أو أن يتمكن إمبراطور حزن من فرد عباءته ليوقف زحف الريح و لسعة البرد أو لفحة الهجير .. لماذا لا ندع الأمور تجري في أعنتها .. ونترك لكل مرحلة عمرية جمالها ورعونتها ومشاعرها وانسياب الدم بكل ألوانه في أوردتها؟ ننصح .. نربي .. نقدم الحكمة ونضرب المثل ونعاقب أيضا ..ولكن لا نستهن ولا نحقر ولا نقول إنهم لا يفهمون ولا ندعي لأنفسنا الفهم والبصيرة والحكمة ولا نلعب دور الخصم ودور الحكم ونأخذ في طريقنا حتى دور المتهم ..! الفجوة بين الأجيال خاصة في مجال المشاعر لا يردمها إلا الحوار والاستعداد التام للتفهم وقبل كل شيء احترام مشاعر الآخرين وعدم الاستهانة بها .. لكن للأسف اقل القليل من يفعل ذلك لذا يظل المراهقون يرفرفون بمشاعرهم على أطراف العالم فيما يرزح الكبار في المنتصف تحت أصفاد جمودهم .. فلا هؤلاء توقفوا عن الحب ولا أولئك توقفوا عن النقد وكل في فلك يسبحون...