لا أعلم كثيراً عن تفاصيل حياة وإنجازات د.خولة الكريع كبيرة علماء ابحاث السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض والتي كرمها الملك عبدالله بن عبدالعزبز حفظه الله مؤخرا بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الاولى في بادرة رائعة المضمون والتأثير ، عدا ما تنشره الصحف من اخبار وتناول زوايا ، ورغم ذلك فإن ما نتلقاه عن نجاحها مبهج ليس لانها امرأة مميزة ومتألقة علما وحضورا فقط وانما ايضا لنوعية الحدث ،الاكتشاف والتوصل إلى اجابات تساهم في علاج كثير من المرضى بعون الله ، الانجاز والاعتراف العالمي بحد ذاته يبدو محفزا كما هو مثال رائع لما يمكن ان تصل اليه المرأة من نجاح علمي جميل رغم متطلبات كل ادوارها الاخرى وهو يلقي بظلاله في اوساط المؤسسات العلمية والمشافي في كل انحاء العالم . تقول أمها إنها كانت في طفولتها تمسك بسماعة كالتي يستخدمها الاطباء ربما مثل كثير من الالعاب التي يلهو بها اطفالنا ، وتكشف على اقرانها مؤكدة بانها ستصبح طبيبة عندما تكبر . شدتني هذه المعلومة ربما لانها صورة تتكرر في بيوتنا ولا يلتفت لها الاهل بما تستحق من اشارات او لا يقومون بدعم هذه المخيلة الطفولية الخلاقة لكي تنمو وتثمر ولكن بعض الصغار كما نعلم سوف يتكئون على احلامهم طويلا مهما تكن الظروف والصعاب ، ويصلون في نهاية الامر ، عندها سندرك كيف شكلت ميولهم الاولى بذرة احلامهم ومسودة نجاح وتميز مستقبلي . واليوم في جريدة الرياض قرأت عن توصل د. خولة وفريقها العلمي إلى كشف مسؤولية جين هرمون السمنة Leptin عن انتشار سرطان الغدة الدرقية لدى السعوديين وهي تشكل نسبة مرتفعة مقارنة بالدول الغربية مثلا ، فبعد الوصول للبصمة الوراثية للسرطانات لدى المرضى تمكن الفريق من اكتشاف ان جين هرمون السمنة يعد عاملا رئيسيا ومسؤولا عن انتشار وشراسة سرطان الغدة الدرقية في مجتمعنا . وهذا الجين يقوم بتنشيط عدد من الاوامر الخلوية والجينات الاخرى التي تساعد خلية الغدة الدرقية علي فقد قدرتها على الوفاة واستمرارها في النمو والتكاثر كما ان اكتشاف جين AKT ، والذي كشف الفريق العلمي دوره في سرطان الغدة الليمفاوية منذ سنوات كان احد اهم الجينات التي يقوم جين السمنة بتنشيط وتحفيز عمله وعليه فإن التنشيط المتبادل بينهما يحول سرطان الغدة الدرقية إلى نوع شرس يصعب السيطرة عليه علاجيا . اما الخبر الجميل فهو وصول الفريق إلى اثباط نشاط جين هرمون السمنة مخبريا عن طرق استعمال الحمض النووي مما أدي ذلك التثبيط إلى ان جميع الاوامر الخلوية والجينات المحفزة للنمو التي يتحكم بها جين السمنة قد توقف نشاطها كما ان الخلايا السرطانية أخذت بالانكماش والوفاة المبرمجة . وتقول د. خولة بأن الدراسة تثبت اهمية برنامجهم البحثي في التعرف على البصمة الوراثية لدى المرضى السعوديين وتؤكد الرؤية العلمية من ان اختلاف الصفات الجينية قد تؤثر في الاصابة والطرق العلاجية للسرطانات بين الاعراق المختلفة وبعد ان كنا نتلقى ما تصدره الدول الغربية من ابحاث وطرق علاجية مستندة على مرضاهم أصبحنا ولله الحمد روادا في تصدير ابحاث وطرق علاجية جديدة مستندة على مرضانا وعلى بصمتهم الوراثية ، وأصبح بالامكان من خلال النتائج المستخلصة من هذا البحث ان نقوم بعمل تحليل مخبري وذلك بفحص عينة من نسيج الغدة لمريض السرطان السعودي ومعرفة وجود هرمون السمنة فإن وجد يستطيع الجراح والطبيب المعالج المعرفة بأنه يتعامل مع نوع شرس من سرطان الغدة الدرقية وبالتالي يجعل عملية الاستصال أعمق لتشمل الغدد الليمفاوية المحيطة بالغدة الدرقية واعطاء جرعات اضافية للاشعاع اليودي ونضمن القضاء علي السرطان منذ بداياته ومنع عودته بعد العلاج بإذن الله ." وبعد ..اليس هذا الانجاز رائعا ؟ أعلم انه لدينا قائمة مميزة من الاطباء والجراحين المهرة كما ان هناك طبيبات وعالمات قدموا عطاءات علمية مختلفة ونجاحات عالمية ولكن يظل الاحتفاء بهم على المستوى الاجتماعي والتوعوي في كل الاحوال رسالة تقدير ومحبة كما هم صور متألقة ومحفزة لاجيالنا القادمة .