حسناً تفعل هيئة كبار العلماء حين تخضع تقنين الفتوى للدراسة تحدد على إثرها المخولين رسمياً وشرعياً لها ، كما قرأنا هذا الأسبوع ، فهي بهذا تكون قد استجابت لمطالبنا الملحة التي كتبناها أكثر من مرة والتي نبهنا فيها إلى البلبلة التي باتت تثيرها فتاوى تنشر وتقال ، هنا وهناك ، رمتنا كمسلمين في متاهة تناحرت فيها حدود الحلال والحرام ، مع أنها في ديننا الحنيف حدود بيّنة ومفصلة ! لكن هذه المسألة لا نعتقد أن علاجها – فقط – يكمن بتقنينها داخل المملكة . نعم سنرتاح – محلياً – فيما لو تم ضبط الفتاوى التي تنشر بالمطبوعات المرخصة عندنا ، وبالقنوات الرسمية التي نشرف عليها ، ولكننا- كمسلمين – ننظر إلى ماهو أبعد من ذلك ، ننظر إلى تحسين صورتنا التي تشوهت في عيون العالم نتيجة فتاوى تقذفها علينا ، كل يوم ، قنوات لا يهمها كثيراً صحة فتاواها بقدر ما يهمها تحقيق الإثارة والجدل والصراع " حتى بين المسلمين أنفسهم " مما يؤذينا جميعاً .. فكيف سنقنن فتاوى هؤلاء ؟ طموحنا هو التوصل إلى طريقة يتم فيها ضبط الفتاوى الإسلامية عالمياً ، سواء في المنابر والمطبوعات والفضاء ، وهذا الطموح لن يتحقق إلا إذا تكاتفت كبرى المراجع الإسلامية على مستوى العالم واتحدت في وضع وثيقة إسلامية واحدة ، تتفق عليها كل الأطراف ، أسوة بهيئة كبار العلماء في مملكتنا ، بحيث يتم بموجبها تقنين الفتوى عالمياً واعتماد المخولين رسمياً لها ، ويأخذ المسلمون والدعاة فتاواهم عنها ، كما يتم إلزام وسائل الإعلام الإسلامية كافة بالتقيد بالأسماء الواردة فيها ، ويكون من ضمن هذه الوثيقة صلاحية مقاضاة أي وسيلة إعلام ، منشورة أو مرئية أو مسموعة ، تبث فتاوى – أو تنقل فتاوى - لمفتين ليسوا من ضمن المفتين المخولين رسمياً . ربما ، وقتها ، لن تتأذى فطرتنا المسلمة بسماع فتاوى على شاكلة " إرضاع الكبير " و" جواز القبلات بين غير المتزوجين " ، أو فتوى " الاستمتاع بالقاصرات " وغيرها ، أو حتى فتاوى الزواجات ذات المسميات التي عجزنا عن إحصائها !