الفتوى العامة التي تلقى في وسائل الاتصال أنواع، أحدها ما نسمعه وما نراه على قنوات الفضاء من أناس لا نعرفهم من أهل الإسلام يدلون بفتواهم للناس، ومنهم من نتوسم فيه العلم، ومنهم من لا نعرف عنه شيئا، وكلهم أجازوا أنفسهم لذلك. النوع الثاني من الفتوى يأتي من عالم حافظ مقلد، لا يجتهد بل يعرف الأحكام ويعيدها لمن هم على مذهبه، والثالث من المفتين على وسائل الاتصال يكون علامة معروفا بعلمه، له القدرة على الاجتهاد واستنباط الأحكام في المستجدات، وهو أعلى هذه المراتب من المفتين، هذا ما نعرفه، لكن محطات الفضاء ومواقع الإنترنت اختلط فيها الحابل بالنابل، وتساوى العالم عندهم مع مفسر الأحلام مع من يرقي الجن والسحر، فأفتى الجميع بعلم، أو بغير سند من علم، وظهر لكل وجه من الوعاظ معجبون يطلبون الفتوى منه، أو يضعون على لسانه ما يريدون قوله، وشمر كل منهم يفتي وينقض حتى لو كان قارئا بسيطا للأحكام. الموضوع هنا أن الفتوى، ومنذ عهد السلف، لا يتصدى لها إلا عالم مجتهد، ولا تطلب من كل من عرضها، ففي كل مدينة مفتيها ومن ينقلون عنه، وكان تأخر قرار المؤسسات واللجان العلمية الإسلامية المعروفة في كل بلد من بلاد الإسلام في وضع قيود لترخيص المفتين من مذهب السنة هو من أصعب الأمور لتصنيف من يفتي ومن لا يفتي، ومن المجتهد، ومن هم المقلدون، وكانت الصحافة وأصحاب الرأي يلحون على الإسراع في إيجاد طريقة لتقنين الفتوى، ومنع من هم غير أهل لها من الظهور، أو الإبلاغ بأنه لا يؤخذ منهم، وهو من أصعب المسائل في مذهب السنة المتفرع الجذور. على كل حال، يبدو أننا على أعتاب مرحلة جديدة في نقاش هذا الموضوع، فقد بدأت هيئة كبار العلماء في المملكة جلسات تدارس لهذا الموضوع، حسب خبر لجريدة الوطن السعودية نشر في (20/1/2010م)، حيث بدأت الهيئة الموقرة المناقشات منذ «منتصف شهر صفر الجاري تقنين الفتوى في السعودية عبر ضبط مساربها، وتحديد المخولين رسميا وشرعيا لها، استنادا إلى الأهلية الشرعية المعتبرة منعا للتداخل والاضطراب الحاليين، خصوصا مع انتشار فتاوى الفضائيات والمواقع الإلكترونية». هذا الخبر يستجيب للحاجة الملحة للمسلمين الذين يستفتون في أمر دينهم، بحيث يلغي التناقض بين الفتاوى، وأقصد التناقض الذي تسببه اجتهادات أصحاب المذاهب المختلفة. هيئة كبار العلماء بهيبتها العلمية حريصة على أمور المسلمين، وهي مؤسسة قادرة بإذن الله على سن قوانين ونظم تحدد من يرخص لهم بالفتوى، وستكون مرجعا موثوقا يكتب له الناس طلبا لهذه الفتوى، وأتمنى أن تطلب من علماء التلفزيون عدم التسرع ببث اجتهاداتهم، وأن يؤجلوا الفتوى يوما أو يومين حتى يرجعوا بالأمر إلى هيئة كبار العلماء؛ لأنها بعلمائها الأقدر على توخي الدقة ونبذ كل ما يفرق كلمة المسلمين من اجتهادات. أعود للموضوع بإذن الله من باب آخر [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز240 مسافة ثم الرسالة