مؤسف جدا ألا تظهر آثار نعمة الموازنة العملاقة التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا .. على بعض الأمانات والبلديات إلا بتلوين الأرصفة ، أو استبدال بلاطها ببلاط ملون ، الناس لا يريدون هذا اللون من الترف ، لأنهم يعرفون أنه كمن يرتدي ثوبا جديدا على ملابس داخلية متسخة ومهترئة ، حرام أن تنفق الأموال في التلوين في حين تمتلئ الشوارع بالحفر ، أو ترصف بعض الطرقات بطبقة إسفلتية أشك أن مصدرها النفط لأنها تتحول بقدرة قادر مع بعض المقاولين إلى مادة هي أشبه بالرماد ما تلبث أن تسيح مع أول قطرة مطر . حرام أن تذهب الأموال لتلوين الأرصفة فيما تتحول بعض الحدائق الداخلية إلى مكب للنفايات أو تموت أشجارها عطشا . حرام أن تذهب الأموال إلى تلوين الأرصفة ، فيما تعاني بعض الشوارع من احتباس مياه المطر والغسيل فيها على هيئة مستنقعات دائمة . حرام أن تذهب الأموال لتلوين الأرصفة ، فيما تغص بعض الطرقات بمرور سيارتين بسبب المبالغة في مساحة الأرصفة الوسطى التي لا يمشي عليها أحد . حرام أن تذهب الأموال لطلاء الأرصفة ، في حين تستخدم الصبات الخرسانية في فتحات ال ( يوتيرن ) بشكل بدائي ومؤذ . حرام أن تذهب الأموال لمكيجة الشوارع الرئيسية أو بعضها ، فيما تسم الحفر الشوارع الداخلية كبقايا الجدري . حرام أن تذهب الأموال إلى ذلك الترف المنافق ، فيما تتزاحم أسراب البعوض على البحيرات الاصطناعية والمستنقعات ، وتسهر في آذان مجاوريها دون أن تجد من ينغص عليها عيشتها الكريمة برشة مبيد . حرام والله حرام . سيتذرعون بالبنود ، وما أدراك ما البنود وكأنها تنزيل لا يجوز أن يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهي حجة الواهن المستكين ممن يُريد أو يزعم أنه سيداوي العلل بحبة أسبرين ، رغم أننا لسنا ضد هذا الطلاء بالمطلق ، لكن بشرط أن نكون قد فرغنا من كل أولوياتنا ، وعند ذاك لكم أن تلونوا ما تشاؤون حتى أعمدة النور وإشارات المرور والشواخص والجبال إن شئتم . سيقولون : ( ما تسوى ) .. حسنا ، اردموا بقيمتها حفر شارع أو شارعين ، أو اصبغوا تلك المطبات الاصطناعية التي تشبه المصائد ، والتي ألحقت الأذى بالناس وبسياراتهم .. أقنعونا فقط أنكم لا تريدون من ورائها إخفاء تلك العورات ! . يجب أن تتخلص البلديات والأمانات كأجهزة خدمة عامة من داء القشرة الخارجية ، بإعادة النظر في توجيه بنودها إلى مواطن الخلل في الخدمة أينما كانت لتصرف أموالها وجهودها عليها ، لأن الطلاء والبويات مهما كانت زاهية إلا أنها في ظل هذا الكم الهائل من البثور .. ستكون كالمكياج على وجه امرأة دميمة ، ما يلبث أن يذوب تحت وهج الشمس ليكشف عما تحته من القبح .