وعدت في المقال السابق أن أكتب عن الدراسة التي قامت بها د. نهوند القادري عيسى . بعنوان ( قراءة في ثقافة الفضائيات العربية ، الوقوف على تخوم التفكيك )*.. العنوان نفسه يحفز القارئ للدخول لعالم ما وراء الأكمة .. ولمعرفة هذا الذي نشاهده كيف يتم تحليله، وكيف تكون تقنية الاتصال من ورائه ؟ .. وكيف يتم توجيهه بحيث يخدم سياسة المؤسسة من جهة والمعلن من جهة ثانية . وهذا قد يفسر الكثير مما نراه من تغير أسلوب بعض المؤسسات الإعلامية ،تجاه موضوع ما أو فكر ما بعد ضخ كميات من الإعلان. الدراسة التي أجرتها د. القادري ، دراسة لفريق عمل ورصد من طلبتها في الجامعة اللبنانية .( أستاذة في كلية التوثيق والإعلام . وتشرف على طلبة الدكتوراه والماجستير في الجامعة ذاتها ). خلال احد عشر فصلا تقدم بمهنية الراصد الباحث عن ثقافة الفضائيات العربية ، من خلال رؤاها وفريقها الباحث. ومن ثم موقع الإعلام العربي عبر الفضائيات من الإعلام العالمي وما ينتجه السوق الاستهلاكي لذلك إعلانا وتوجيها .. وضعت الدارسة أسئلة أمام عينيها ومن ثم أدخلتنا معها لدراستها للفضائيات العربية : هل تمكنت هذه الفضائيات من أن تحمل لجمهورها ثقافة مواطنة قائمة على المساءلة والمشاركة وحس المسؤولية ؟ ص13 إلى أي مدى تمكنت من ترتيب علاقة متكافئة مع السلطات الحاكمة من ناحية ، ومع المجتمع المدني من ناحية أخرى مما يخولها ان تكون مساحة رحبة لمختلف شرائح المجتمع ؟ تتقاطر الأسئلة حتى نصل لصلب الموضوع الذي كان نصب عينها وهو ( إلى أي حد تمكنت (الفضائيات ) من الموازنة بين تعددية الآراء ووحدة المجموعة ؟ النموذجان المختاران اللبنانية والخليجية .. الفضائيات اللبنانية فيما تحمله من ترفيه وقضايا اجتماعية ، والفضائيات المؤثرة في الساحة الخليجة سياسيا : الجزيرة ، العربية . ودبي من ناحية أخرى ... عبر رصد لحوالي عقد وأكثر ، كونت الدارسة رؤيتها .. وفتحت لنا نافذة نطل منها على خفايا ونفتح آذاننا على الأكثر ..قسمت خلاله الدراسة إلى أقسام هي : الأخبار ، البرامج السياسية الحوارية ،البرامج الحوارية الاجتماعية والثقافية .وأخيرا البرامج الترفيهية . بين عرض ورصد وتحليل تعرض الدارسة ما توصلت له .. والمتلقي حر قد يجد نفسه وصل لما توصلت له الباحثة أم أنه كانت له وجهة نظر أخرى وهو يتابع تلك البرامج .. أيا كان الأمر إلا أن الباحثة قدمت كتابا مرجعيا في علم الإعلام هذا العلم المتجدد والمتطور باستمرار ، هذا العلم الخادع المخدوع ، الصادق والمنافق ، هو المتناقض بالوقت ذاته.. ما بين صفحات الدراسة ( الكتاب ) تتوهج الذاكرة وتستحضر الكثير مما مر بها ، ويتدافع الضجيج . ويكبر في الذهن سؤال : الفضائيات العربية ، تمتعنا ، تثقفنا أم تخدعنا ؟ !! * الكتاب صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية .. الطبعة الاولى نيسان 2008