على ما يبدو بلغ مشهدنا الفضائي العربي مرحلة التخمة، وما عاد قادرا على استيعاب المزيد من الأقنية والمحطات الجديدة، لا سيما والمشاهد العربي نالته المحاصصة بشكل تلقائي، وأصبحت قائمة «المفضلة» هي التي تحركه وتربطه بالعالم الخارجي، وفيما ندر نراه يقلب «الريموت كنترول» ليشاهد جديد الفضائيات الأخرى القابعة خارج حدود مفضلته. المحطة التلفزيونية «محرقة» أموال لا تهدأ، إنتاج ورواتب وحجوزات أقمار تستنزف أرقاما فلكية باعتبار استخدامهم لآلية الإنتاج التقليدية كقاعدة مشتركة لجميع الفضائيات، ومعظم الإيرادات لاتتجاوز حدود المعلنين الذين تركز ضخهم للأموال على القنوات في نادي الخمسة الكبار، فيما يعاني البقية من تحصيل الحد الأدنى لميزانية التشغيل لا الربح، ولذلك لم تعد قدرة المنافسة قائمة ولا المشهد يحتمل دخول مولود فضائي جديد ينافس على «كعكة» الاستحواذ التي توزعت قطعها بين عمالقة الفضائيات العربية، وجميعنا مارس عبر مفرزة «المفضلة» قراءة نقدية تلقائية برهنت على غزارة القنوات وضعف المحتوى، في حين استطاعت القنوات المتخصصة إخباريا ورياضيا واقتصاديا الهروب من مقصلة العجز الفضائي ليس في جودة المضمون وإنما في مخاطبة انتماء المشاهدين، وهو موضع لعبة الفضائيات القادم؛ فلم يعد للقنوات العامة أي تأثير يذكر. أنا هنا أتحدث عن أكثر من 500 فضائية عربية، بين المتردية والنطيحة وبين الآمرة الناهية، يقوم نحو 40 – 60 بالمئة منها -وفقا لدراسة نشرتها اليونسكو- باستيراد برامجها من الدول الأجنبية، في مقابل حيز ضخم خصص لشركات الإعلانات التي يقال لها: سمعا وطاعة، إن علمنا فقط أنه في عام 2004 ضخت الشركات السعودية مبلغ 685 مليون دولار في جيب تلك الشركات وبالتالي في وسائل الإعلام العربية، والسمع والطاعة تمثل في رضوخ تلك الوسائل لطلبات المعلنين ولو كانت على حساب الحبة الزرقاء والصفراء التي ظهرت تلفزيونيا بشعار «تبيض الوجه»، ولم لا.. طالما سيدفع الملعن 3000 دولار نظير إعلانه الواحد، وإن كان ضمنا في برنامج شهير كسوبر ستار فإعلانه لمدة 30 ثانية يبدأ ب 10 آلاف دولار، وفقا لما ذكرته د. نهوند القادري في كتابها «قراءة في ثقافة الفضائيات العربية». حالة الغزارة كانت مع مطلع الألفية الجديدة، ثم بدأت مرحلة الفرز التي تأثر فيها قديم الفضائيات العربية كشبكة أوربت وإي آر تي، ولم يعد مشروعا يسيل له لعاب الربح، ونتقلب الآن في مرحلة الانقراض والموت الرحيم، ولم يفكر أحد حتى الآن في خوض «التسونامي» القادم: الإعلام الجديد، لأننا نفكر دائما في الوقت الضائع!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة