أقام النادي الأدبي الثقافي بالرياض، مساء يوم أمس أمسية ثقافية، بعنوان "آفاق العمل الثقافية" للدكتور المنجي بوسنينة، وذلك ضمن نشاط النادي لموسمه خلال هذا العام. وقد بدأت الأمسية بكلمة لنائب رئيس النادي الدكتور عبدالله الوشمي، الذي استعرض المسيرة التعليمية والعلمية والثقافية، لضيف الأمسية، ومعرجا على مشاركاته المؤسساتية والأكاديمية المتعددة..ثم بدأ بوسنينة حديثه من خلال خصائص الثقافة في المملكة التي استقرأها عبر عشرين زيارة للمملكة، متناولا ما تتميز به الثقافة في المملكة من تعددية وتنوع، إلى جانب التناغم ضمن الإطار العام للثقافة العربية. ثم وقف المنجي بعد ذلك على عدد من التعريفات التي تناولت مصطلح "الثقافة" مبتدئاً بتعريف اليونسكو، إلى جانب عدد من التعريفات التي استنتج منها وجود الحركة الإنسانية، والمشاركة الاجتماعية، والجانب الأخلاقي الذي يتشكل به الإنسان عبر مجموعة من القيم، إضافة إلى ديناميكية الإنسان في حركة ثقافية مستمرة، يحاول من منطلقه العقلي أن يطور ممارساته الأخلاقية، إلى جانب التعاطي مع قيمه في ظل التطورات الاجتماعية، بعدد من الوسائل الإنسانية التي ذكر منها بوسنينة: العقلانية، الابتكار، التجديد، التطوير الذاتي والبيئي المحيط بالإنسان. ومضى المحاضر متقصيا الآفاق الثقافية عبر منظومة من التجارب الإنسانية، التي تتجلى في التصدي لمستجدات الحياة ومصاعبها، وكل ما من شأنه إثارة قلق الإنسان وخوفه، وما يصاحبها من خلق المواقف التكييفية والمصيرية، التي جعلها ضيف الأمسية نقطة لمنشأ الحضارات الإنسانية، التي عادة ما تأتي في شكل عمل تأسيسي ، بوصف الإنسان كما ذكر ابن خلدون بأنه ثقافي الطبع. ثم تحدث المنجي عن ثقافة التنمية والتطوير، أمام التحديات المعاصرة المختلفة المتباينة والثرية، والتي أدت عند البعض إلى أحادية الثقافة، كسلطة ثقافية تسعى إلى التحكم والنفوذ في سعي حثيث إلى هيمنة ثقافية..وصولا إلى ثقافة المؤسسة والخوصصة، ومنها إلى تجارة الثقافة أمام ملكيات ثقافية تحمل في سياقاتها مدلولات ومعطيات مادية، في شكل نتاج ثقافي مصنع تمثله الإبداعات العصرية المختلفة، بما خلقته من ثقافة استجدت في المشهد العالمي، مدللا على ذلك بالهيمنة الثقافية الأمريكية والصينية والألمانية.. وما سخرته هذه الدول من تقنية عصرية فاعلة لتسويق ثقافتها عبر السوق العالمي، في وقت لم تعد فيه الثقافة متعة ولا ترفا، وإنما سلعة تباع وتشترى. كما استعرض المحاضر جملة من الآفاق الثقافية التي جاء منها:الثقافة المستدامة ، التفتح الثقافي والازدهار الثقافي، التنوع الثقافي، أهداف السياسات الثقافية وغاياتها، حوار الثقافات، الإبداع الثقافي وواقع التقدم، الانسجام بين الثقافة والتنمية، التسامح أمام الحركة الثقافية، الثقافة والإشكالات السياسية، الدفاع عن التنوع، مهددات الثقافة، تباين القوى الثقافية، التراجع الثقافي والفكري في العالم العربي والإسلامي، ثقافة التغيير.. بعد ذلك تحدث المنجي عن واقع الثقافة والشاب العربي، الذي يعيش في زمن العولمة والفضاء المفتوح، دونما شعور بمدى ما يحمله هذا المد الفضائي من غزو ثقافي وفكري، مشيرا إلى أن الممارسات الشبابية في العالم العربي تحولت إلى ثقافة الشاشة، والانترنت، والفيس بوك، مما جعل الشباب العربي ضعيف القراءة، ضعيف الوعي في التلقي وخاصة فيما يخص الممارسة الثقافية، مشيرا إلى ضرورة تفاعل الشباب تفاعلا نهضويا يطور من واقع الثقافة العربية إلى دور منافس للعولمة، مؤكدا على ضرورة تطوير خطاب ثقافي جديد قائم على الانفتاح والحوار والتواصل والتعايش والتحالف، بعيدا عن المساس بالقيم والثوابت الإسلامية والعربية..مؤكدا على إيقاف حرب الفتاوى، وتنصيب الأوصياء على الثقافة..ثم أعقب ذلك عدد من الأسئلة والمداخلات التي جاءت ختاما للأمسية.