يتساهل الكثير من الآباء والأمهات في تطبيق بعض الاشتراطات البسيطة بخصوص السلامة المنزلية فتجدهم يتجاهلون ويستصغرون بعض الأمور والتي يرون من وجهة نظرهم أن توفرها أو عدمه سواء متناسين أن عظائم الأمور تبدأ صغيرة! ومن الأشياء التي يعتقد البعض أنها غير ذات خطر كبير داخل المنزل هي الشموع فإشعال شمعة صغيرة ربما يعيد للمنزل شيئاً من وهج مختفي ونور مفقود لكن في ذات الوقت أضرارها أحيانا تكون عظيمة وتتسبب في خسائر فادحة. ومع انقطاعات التيار المفاجئة لأسباب عدة من زيادة أحمال أو التماسات كهربائية أو غيرها يلجأ الكثير من الناس لاستخدام الشموع للإضاءة ولكن طريقة الحصول على هذا النور البسيط يلزمه إجراءات وقائية بسيطة وإلا قد يتحول هذا النور الى نار كبيرة ويتخلف عنها خسائر اكبر. قصتنا اليوم محورها شمعة بسيطة أضاءت لعائلة أبو سالم نورا بسيطا وبسبب خطأ بسيط خلفت هذه الشمعة ألماً كبيرا! ففي إحدى ليالي الشتاء الباردة كانت أم سالم في غرفة اطفالها الثلاثة تداعبهم وتقص عليهم بعض القصص حتى يخلدوا الى النوم، أما ابو سالم فكان نائماً في غرفة النوم، وفجأة مع توالي اصوات الرعد وانوار البرق المتقطعة والمتتالية انقطع التيار الكهربائي عن المنزل وبدأ الصغار بالصياح خوفاً من الظلام الذي حل بالغرفة والأم تقربهم اليها وتحاول ان تهدئ من روعهم، فهم لا يحبون الظلام مثلهم كمثل اغلب الاطفال وخاصة اذا كان الظلام مفاجئاً بهذه الطريقة، وبعد ذلك أخذت ام سالم تقود اطفالها بحذر الى غرفة النوم الرئيسية حيث ينام ابو سالم وعندما وصلت عند باب الغرفة اخذت تنادي ابو سالم والذي نهض فزعاً من صوتها الخائف وبكاء اطفاله وهو يسألها عن سبب ذلك، فأخبرته بانقطاع التيار الكهربائي وهي تبحث عن الشموع كي تعيد شيئاً من النور المفقود فنهض ابو سالم واحضر بعض من الشموع الموجودة في المطبخ وقام بإشعالها ووضع شمعتين في غرفة الأطفال وشمعة في غرفة النوم، ثم جلس قليلاً مع ام سالم والاطفال في غرفتهم محاولاً تهدئتهم وعندما اطمأن عليهم نهض وذهب كي ينام في غرفته وبقيت الام عند اطفالها حتى ناموا جميعاً وانتظرت قليلاً ربما يعود التيار الكهربائي الا انها لم تستطع ان تقاوم رغبتها في النوم فنهضت وتأكدت من نوم اطفالها الثلاثة ثم اتجهت الى غرفتها وقبل ذلك أطفئت احد الشموع وتركت خلفها شمعة مشتعلة في غرفة الصغار ولم تطفئها خوفاً من أن ينهض احد الاطفال في وقت متأخر ويرى الظلام ثم يقوم بالصياح وأخافت إخوانه الآخرين. ومع مرور الوقت والعائلة تغط في سباتها لم تقاوم ام سالم تلك الرائحة الغريبة التي ايقظتها من النوم وعند استيقاظها اشتمت رائحة احتراق قوية وأيقظت ابو سالم لتخبره عن ذلك وعندها طلبت منه ان يبحث عن مصدر هذه الرائحة وسببها ومع خروجهم من غرفتهم شاهدوا كمية كثيفة من الدخان وانطلقا مسرعان الى حيث ينام اطفالهم ومعهما شمعة صغيرة تضيء لهما حيث كانت كثافة الدخان تزداد شيئاً فشيئا كلما اقتربا من غرفة اطفالهم، وعند وصولهم الى غرفة الاطفال فتح ابو سالم الغرفة بسرعة وكانت المفاجئة حيث النيران المشتعلة في زاوية الغرفة بدأت في الزيادة وبصعوبة استطاع الوالدان ان ينقلوا أطفالهم بسرعة إلى الملحق الخارجي للمنزل وعاد ابو سالم الى حيث مكان النيران محاولاً ان يجابهها وعندما لم يستطع الاقتراب منها مع زيادة كثافة الدخان وتزايد اللهب قام بالاتصال على عمليات الدفاع المدني (998) ثم عاد ادراجه الى ملحق المنزل وهو يسمع صراخ ام سالم وعندما اقترب منها وجدها تبكي وتصرخ وهي محيطة بأبنائها وتحاول إيقاظهم ولكن لا حياة لمن تنادي!، وتصيح على ابو سالم ان اطفالها لا يردون عليها بل انهم لا يتنفسون أيضا وبسرعة وبدون شعور نقل ابو سالم اطفاله مع امهم الى المستشفى وعند وصوله الى قسم الطوارئ لم تنفع أي جهود قام بها الأطباء لإعادة الحياة للأطفال الصغار، حيث اخبر الاطباء ابو سالم وام سالم ان ابنائهم ماتوا نتيجة الاختناق! مات الصغار مات زهور المنزل ماتت الضحكات البريئة والسبب تجاهل الأم لإطفاء تلك الشمعة الصغيرة قبل إن تذهب إلى النوم، حيث إن قرب الشمعة من الستارة تسبب في احراقها ولأن الغرفة كانت مغلقة وبعض محتوياتها كانت صعبة الاحتراق كانت النار بسيطة ومحصورة ولكن دخانها كان كثيفاً بحيث ان ضرر هذا الحريق في البداية كان دخاناً فقط ولم يتضرر الاطفال من احتراق ولكن كان الضرر في استنشاق الغازات الخانقة والسامة الناتجة من الإحتراق كمثل غاز اول اكسيد الكربون والذي يتسبب في موت الشخص خلال 3 دقائق من استنشاقه بشكل كبير بل ان النائم عندما يستنشقه فإنه قد يموت نائماً دون ان يشعر بشيء! شمعة بسيطة وتعامل فاقد للوقاية التامة وكان ذلك الألم الذي كان ولازال كالجرح الغائر في هذه العائلة الصغيرة، فلم يكن هناك اجراءات صعبة في التعامل مع الشمعة ولكنه النسيان او ربما الجهل والتجاهل الذي كان ضحيته تلك الزهور البريئة وخسائر مادية في منزل ابو سالم. هذه كانت القصة وكانت العبرة والعاقل هو من يتعظ بمثل هذه القصص والوقائع الحقيقة والتي يعايشها رجالات الدفاع المدني بين الحين والآخر. هذا مع خالص الامنيات للجميع بالسلامة الدائمة.