كثيرا مايقع اللوم علينا ونتهم بالجشع والاستغلال ودائما نكون كبش الفداء أمام الجميع وأننا كعقاريين مجرد إقطاعيين لا يهمنا الا أنفسنا ونحن نتحكم بالسوق والمشكلة أننا نقارن بغيرنا ممن لا يعمل ويتاجر بالأراضي فقط، هذا ما يقوله لي احد رؤساء الشركات العقارية العاملة في مجال الإسكان، ويضيف مشكلتنا في البيروقراطية وكثرة الأنظمة وتعددها من قبل الأمانة والتي تغير في المتطلبات من فترة إلى أخرى وآخر هذه المتطلبات ضرورة تنفيذ 10% من المشروع للحصول على الموافقة النهائية، كيف ننفذ ثم نحصل على الموافقة؟ انتهى. هذه إحدى المشاكل في حلقة المشاكل التي يواجهها السوق العقاري وبقيتها ليست وليدة اليوم وأطرافها المطور والمستثمر والممول والجهات الحكومية المعنية وهي تتسبب في تعطيل التنمية وتفاقم مشكلة الإسكان، إنها أزمة أزلية نعيشها بأشكال وألوان وأزمان مختلفة ضحيتها المستفيد النهائي المواطن والمقيم. السوق يعج بالمتناقضات ويحفل بالكثير من الأزمات وهي من صنعنا رغم الإمكانات المتاحة بدءا من الجهات الحكومية والبيروقراطية التي تضرب أطنابها والفساد الذي ينخر جسدها، مرورا بالتجار والهوامير وبعضهم ليسوا عقاريين بل تجار مواد غذائية وصناعيون وما أكثرهم ممن يمتلكون الأراضي ويبقون عليها جامدة ينتظرون أن تصل أسعارها إلى مبالغ خيالية، طبعا هؤلاء لا يهمهم المنظر العام لهذه الأراضي وهي تشوّه الصور الجمالية لمدننا ولا يفكرون في استغلالها وتطويرها بمشاريع تعود بالفائدة على الجميع ناسين أو متناسين أن استثمار إيراداتها وتدويرها أفضل وأجدى من تركها أرضا جامدة لعدة سنوات ودفع زكاتها إن كانت تدفع مع ضياع الفرص البديلة. شركات عقارية تبيع الأراضي الخام والمخططات شبه المطورة وتتباهى بأنها رائدة التسويق العقاري، وشركة برتبة مكتب عقاري ترى أنها الأميز في الاستثمار العقاري وهي تبيع قطع الأراضي وتؤجر الشقق السكنية. شركة أو أفراد يجمعون أموال المساهمين ويستثمرونها في قنوات أخرى ويماطلون ويتعمدون التأخير ويتلاعبون بمشاعر المساهمين، وفئة أخرى لديها المال وتفتقد الفكر الاستثماري تتخبط وتدعي القدرة على الإبداع وتوظف من يفتقدون الخبرة والفكر الاستثماري الجيد وتعتمد على عمالة رخيصة تتدرب عندنا لأنها تنفذ الأوامر وقد أودت بالكثير من المشاريع والاستثمارات إلى نتائج سلبية وأصبحت مأزقا يصعب الخروج منه وتكاليفه المادية والمعنوية أكبر بكثير من الاستعانة بأصحاب الفكر. البنوك وشركات التمويل سبب رئيس في تعطيل الكثير من المشاريع الإسكانية وهي الحلقة الأضعف في السلسلة، لان الربح والربح الجائر هو الفيصل في عملية التمويل. مادمنا نفتقد لهيئة تعنى بشؤون القطاع العقاري تنظم عمله وتتابعه وتحاسب المقصرين فسيبقى الوضع إلى أن يشاء الله، كل هذا يحدث ونحن أمام ثورة عالمية في صناعة العقار ولازال الفكر التقليدي المغلف بإعلانات الإغراء ودغدغة المشاعر بصناعة الفرص واقتناصها وتوفير مسكن الأحلام وعش الزوجية ومسكن لكل مواطن وغيرها من العبارات الرنانة. إنها أزمة فكر وثقافة ترتقي إلى أن يلتزم كل طرف بمسؤولياته بأمانه أخلاص ووضع المصلحة العامة طرفا في المعادلة بعيدا عن الأنا، ولنا في ولي الأمر قدوة حسنة!!