ضحايا المخدرات ضحايا الوهم الخادع والحياة الزائفة وبريق المتعة الكاذبة ، شباب وفتيات من مختلف الأعمار ، يقبعون خلف القضبان يقضون فترة محكوميتهم عيونهم دامعة بعد فقدهم الحرية ، تمر أيامهم بطيئة وهم يعدون الأيام والليالي وينتظرون الفرج ولحظة الخروج ، وفي أذهانهم ألف سؤال وسؤال . في جولة ميدانية لأمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات على هؤلاء الضحايا من خلف القضبان كان مع أحدهم هذا الحوار:. *ماسبب دخولك السجن ؟ -وأنا أعيد عليك السؤال وهل غير تعاطي المخدرات سبب في دخولي السجن ! *كيف. ومتى تم القبض عليك . ولماذا؟ تم القبض عليّ قبل عامين عندما كنت عائدا من الاستراحة في آخر الليل وكنت في وضع غير طبيعي ( مخمور) وكانت قيادتي للمركبة في محل شك مما جعل الدوريات الأمنية تستوقفني وبعد تفتيشي من قبل رجال الأمن عثروا على كمية من الحبوب المخدرة ، قد خبأتها في مكان آمن بسيارتي, ولم أكن أظن أن أحداً سيجدها ، لأنني أروجها من وقت إلى آخر وعلى حذر ، إلاّ أن هذه المهنة صاحبها ( مفضوح ) لما يعاني من هلاوس وشكوك وأوهام . تجعل الآخرين يعلمون بأمره . *كيف كانت نظرتك للمخدرات قبل التعاطي؟ ماذا أقول لك أخي الكريم، ولكن ليس هناك أي شخص ينظر للمخدرات بمنظور حسن !! وهي من جلبت لمتعاطيها الذل والهوان !! الجميع متفق أنها آفة قاتلة وطريق وعر محفوف بالمهالك والنهاية السيئة. وأنا أولهم . *من الذي عرض عليك فكرة التعاطي . وأين مصيره؟ -الفراغ والبطالة في بادئ الأمر, كما أنه لا يوجد من يراقبني أو يوجهني بحكم وفاة والدي منذ طفولتي ،وكذلك مفهومي الخاطئ ، بأنها أنيس وحشة ومصدر سعادة ولكن والله إن العكس صحيح ، خوف وقلق وتفكير مستمر . * هل تشعر بالندم الآن؟ -هذا شيء مؤكد بل اشعر بأشد الندم ، لأنني لم استفد من حياتي ولم أكن اجتماعيا مثل غيري ، ووفاة والدي منذ طفولتي ليست سبباً وعائقاً في طريق النجاح , فكم من شخص فقد والديه الاثنين وشق طريقه بالحياة بنجاح وتميز , وكنت دائما أسأل نفسي لماذا لم أكن في حال غير التي أنا فيها . يتفق العالم على محاربة المخدرات *ما أصعب تجربة مرت عليك؟ -أنا مررت بتجارب ، و لم استفد منها ، فقد تم القبض علي قبل هذه المرة بأسباب تعاطي المخدرات ومكثت بالسجن لمدة عام .وفصلت من عملي وطلقت زوجتي وتحملت ديوناً كثيرة ، وبعد خروجي من السجن عدت لرفقاء السوء ولم أغيرهم حتى عدت للتعاطي وتم القبض علي ولم أتعلم من التجربة الأولى وهذه هي أصعب تجربة مرت علي , لأن الجاهل هو من يعود لسوء عمله بعد النجاة منها .ثم يا أخي الكريم بمجرد تعاطي الشخص للمخدرات ولو لمرة واحدة فهذه بحد ذاتها تجربة صعبة ، يصعب الخروج منها إلاّ بثلاث (مصحة ، سجن ، وفاة ). *ما الذي تعلمته من السجن؟ - السجن أعطاني فرصة للتأمل ومراجعة حساباتي والتصالح مع الذات .وعرفت قيمة الحرية التي كنت أعيشها خارج أسواره، ولم اشكر الله عليها بل قابلتها بمعصيته واتباع هوى النفس والشيطان والسعي خلف مطالب رفقاء السوء التي قادتني للسجن و البقاء خلف قضبانه. هاتف مركز استشارات الإدمان *ما هي تطلعاتك وآمالك المستقبلية بعد الخروج إن شاء الله؟ اسأل الله أن يبدل الحال ويثبتنا على الحق. وسوف أسعى جاهداً للبحث عن وظيفة تسد حاجتي فيما بقي لي من العمر. وعمل الطاعات وأن أكمل حفظي للقرآن لعل الله يبدل سيئاتي حسنات . فقد وجدت السعادة بين دفة صفحاته ومعاني كلماته التي زادت القلب سروراً ويقينأ روض النفس ، وأنار طريقي وهون علي وحشة السجن وطول ساعاته . وهناك ميول لدي ان افتح متجراً صغيراً بحكم خلفيتي في صيانة السيارات وخاصة الكهرباء . ودعواتك لي بالتوفيق . *هل من كلمات في نهاية الحوار ؟ انصح أي شاب يرغب بحياة كريمة ومستقبل مشرق ، بارا بوالديه وجيرانه ،عليه الابتعاد عن تناول الخمور والمخدرات والابتعاد عن أصحاب السوء والاستماع لنصائح الأهل ،والمقربين خاصة عندما يحذرونه من مصاحبة بعض الأصدقاء الذين قد يقودونه في تصرفاتهم و سهراتهم وتهورهم إلى تناول الممنوعات فتنقلب حياته ويضيع مستقبله ، وتصيبه بوصمة عار لن تزول من سجل حياته ، وحينها يكون الندم حين لا ينفع الندم . واحرصوا على الأصدقاء الذين ترون فيهم الخير والصلاح ويحرصون على مصلحتكم وينصحونكم لما يسركم في دنياكم وآخرتكم ، ويذكرونكم بالله والحرص على طاعته ، وابتعدوا عمن يزين لكم الأعمال السيئة أو يشجعونكم على التورط بها . وأنا ضحية هؤلاء ومجرب والتجربة خير برهان ، أقول لكم انتبهوا لأنفسكم وحافظوا على كرامتكم قبل أن تدنسها سموم المخدرات المدمرة للنفس والمال وللكرامة ، فهي لحظات انتعاش مزيفة آخرها ضيق وهم واكتئاب وأمراض نفسية وعقلية وفقر وسجن ,ونصيحة مجرب اقترف من تجربته الحمقاء كل هم وغم وحزن وعزلة وفقد حريته خلف القضبان بسبب تعاطي المخدرات .