عندما أشاهد فيلما تاريخيا تعود قصته إلى أيام الرومان ، أو مصورا وثائقيّا عن الحياة في مصر الفرعونية ، أو لمحة تاريخية عن الحياة في مدينة غربية أيام القرون الوسطى ، أو حتى شارعا يعيش الحاضر في مدن وقرى فى أوربا وأمريكا واليابان وأستراليا . فإنني لا أفقد مرأى جميلا للناس وهم يسيرون على أرصفة مشاة بولغ في العناية بها ، حتى إن العناية بها تفوق العناية بالطريق أو الفسحة المخصصة لسير المركبات . فالمتنزّه والمتسوّق يجدان المتعة والراحة معا ، بالإضافة إلى السلامة التي يتمتع بها مستعملو الطريق . فتجد الشاب وكبير السن والأمهات التي تدفع عربات الأطفال ، وذوي العكاز ، والكل يمشى ويتفحّص المعروضات . وإذا وصل إلى طريق نافذ يجد علامة التحذير ووجوب النظر إلى اليمين واليسار . وأكثر الناس يسمون تلك الفُسح ( التطلع إلى الفتحات العرض ) أو( ويندو شوبنج ) Window shopping أي أن المرء يرى في السير إلى جانب فتحات العرض مُتعة . تعتبر دراسة حركة المشاة أساسا لتخطيط شبكة الحركة داخل المدينة الحضرية، فالمشاة هم أحد مستخدمي الطريق ، وفى معظم دول العالم ثلث الرحلات اليومية هي رحلات مشاة على الأقدام في المناطق الحضرية. وكبار السن والأطفال هما النسبة الأكبر من المشاة وكذلك الأكثر عرضة للحوادث، لذلك يجب أن يشمل التخطيط والتصميم الاعتبارات الخاصة بهما. إن الخطر على المشاة يأتي من التعارض مع حركة المركبات ؛ لذلك يجب عمل التجهيزات التي تقلل من المخاطر وتكون آمنة ، مريحة وسهلة الاستخدام . ولتحقيق الهدف من الطريق وجب توزيع مسطح الطريق بين المستخدمين باتزان. والملفت أن شيئا من هذا كان جاريا في مدننا ودكاكينها الطينية حتى عهد قريب جدّا ؛ فالمتطلع إلى الأفلام والصور القديمة عن بلادنا يرى مسار ظلّ ، وراحة بال أثناء مرورهم بالدكاكين . ولاحظت ، ومتأكّد أن غيري لاحظ ، أن أمانات المدن في بلادنا قد رأت إحساس الناس بهذا النوع من الحياة ، فبدأت مشاريع تأهيل مسارات مشاة متداركة سوء تنفيذ وقع فيه كل صاحب عمارة تجارية .