تميز البذل الذي يقدمه سلطان بن عبد العزيز ينطلق من أن عطاء الأمير الإنسان لا يقتصر على المال أو الجاه فقط بل يتجاوز إلى عطاء المشاعر الصادقة التي تأتي من القلب إلى القلب. الأمير سلطان عندما طبع قبلة على جبين جنودنا المصابين الذين يرقدون في مستشفى القوات المسلحة بالرياض مساء أمس الأول وإصرار سموه على أن يقبل جبين الجندي بعث بدفعة قوية إلى كل جنود الوطن المرابطين على الحدود. القائد عندما يختار أن يكون أول نشاط له بعد العودة من رحلة العلاج هو أن يعود جنوده يصبح رمزاً وعندما يتجاوز إلى تقبيل جبين الجندي يصبح هذا القائد سلطان بن عبد العزيز. سلطان الذي أخذنا معه إلى أبعد مسافات الاشتياق عاد ليعود أولاً جنوده المصابون قبل أي نشاط آخر، لأنه في صميمه هو الجندي الذي يعرف ثمن ما يقدمه جنوده، وهو الذي كان معهم منذ أن نادتهم ميادين الشرف والبطولة فأراد بحكمة القائد وأبوة الأمير أن يقول لكل الجنود إن قبلة على جبين كل واحد منهم تمثل استحقاقا من قائد لجنوده الأبطال. قبل الوطن قبل يومين رأس سلطان بن عبد العزيز عندما خرج أبناؤه يقودهم قائده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لاستقباله الاستقبال الذي لا يمكن أن يكون إلا تظاهرة حب واستفتاء على ما يحفظه الوطن لسموه من امتنان. ولا يمكن أن تصف الكلمات مشاعر الجنود المرابطين على الحدود وهم يتلقون هذه القبلة -اللفتة- من قائدهم الذي قضى عقوداً من الزمن في خدمتهم وزيراً للدفاع ونائباً ثانياً ثم نائباً لخادم الحرمين الشريفين، ولا شك أن سموه بحكمته عرف أن الطريق إلى الرجال يمر بالوفاء والتقدير لبسالتهم وفدائيتهم في ميدان الشرف وخاطبهم بلغة الجنود الذين يعرفون قيمة التضحية. كل جنودنا اليوم يشعرون بحرارة القبلة على جباههم ومسؤولية تلقيها من قائد بحجم سلطان أراد من خلالها أن يبعث لهم تقديره وامتنانه هو شخصياً وتقدير وامتنان قائد هذه المعركة خادم الحرمين الشريفين الذي زارهم على الجبهة واطلع على استعداداتهم قبل وقت قصير وكان حاضراً معهم في كل المناسبات واللقاءات. ولا ذخيرة في أسلحة جنودنا الأبطال على الحدود أقوى وأشد فتكاً من قيادة تقف معهم على الجبهة وتضع عيادتهم ووصلهم في مقدمة أولوياتها المكتظة بمسؤوليات لا تأذن بالانتظار. الذخيرة الحقيقية في أي معركة هي الروح المعنوية وغذاؤها تقدير القيادة لفدائية الجنود في ميدان الشرف والبطولة، عندما يُقبل القائد يُقبل عليه الجنود وعندما يزورهم في ميدانهم أو يعودهم في المستشفيات ويقبل روح البطولة فيهم يصبح كل جندي سلاحا قاتلا دون حياض الوطن حيث يؤمن حقيقة ألا خيارات إلا النصر أو الشهادة. لفتة في زيارة ولي العهد أنه عادهم شخصاً شخصاً واحتضن أطفالهم وسأل بعفوية وأبوة لا يعرفها إلا من يعرف سلطان عن حاجاتهم، وأصر سموه على أن يعرف عنهم كل شيء وألح على أطفال أحدهم أن يطلب ما يريد، هذه الرسالة الحانية لكل الجنود مفادها أن جميع حاجاتكم واجب علينا قضاءها وأن الذي استخلف أهله بيننا وراح يدافع عن حدودنا جدير بأن نقبل جبينه ونقضي حاجته منتصراً كان أم شهيداً. ليس هناك ما هو أشرف من الدفاع عن الوطن لكن هذا الشرف جعل منه سلطانا بقبلة منه على جبين الجنود شرف مضاعف، وتقدير لا يضاهيه تقدير لعمل قالت عنه القبلة التي بعثها سلطان بن عبد العزيز إنه أعظم من أن نوفيه حقه. قال سلطان "شكراً" من القيادة لكل جندي في الميدان.. قالها بصدق لا يستطيعه إلا سلطان.. ولا يأتي إلا من سلطان.. وتمنى كل مواطن سعودي أن يكون مع جنودنا على الحدود ليحظى بالشرف والتقدير الذي عاشه أبطالنا وتوجته قبلة سلطان. "قبلة على الجبين" تعلن خلود التقدير ورسوخه لما هو أعمق من تمثال جندي مجهول يقف في أحد الميادين، شكراً بلغتنا ومن أعماقنا تفوق أي شكر خالد وتعمر لما هو أكثر وابعد من نصب يفترض ألا يفنى.. شكراً نعرف عمق ما تعنيه لمن ارتوى تراب الأرض تحتهم دماً في الدفاع وعرقاً في الكدح عندما لم يكن في وطننا إلا نحن والصحراء وبضع غيمات لا تجيء بالفرح دائماً. اليوم الذي خلد فيه سلطان كفاح الأبطال غرس فينا رغبة جامحة في الذهاب إلى ما هو أبعد وإلى حدود طموح قيادة مؤمنة بجنودها سواء الجندي الذي يحمل السلاح أو الجندي الذي يحمل القلم.