جاء الى عيادة القلب رجل في الخمسين من عمره وزنه 140 كلغ وطول 160 سم ومحيط بطنه عند السرة 130 سم ...... والسبب في زيارته هو ان زوجته واولاده طلبوا منه زيارة طبيب القلب كي يجري فحوصات ويطمئن على قلبه لخوفهم عليه .... على الرغم من انه يقول ( ليس لدي اعراض اشتكي منها وليس لدي سكر او كلسترول او ضغط وانما اتيت الى العيادة ارضاء لأهلي). وعند الفحص عليه تبين ان لديه السكري وارتفاعا مزمنا في الضغط وارتفاعا في الكلسترول مع تضخم شديد في عضلة القلب وارتفاع في الضغط الشرياني الرئوي وزلال في البول مع قصور في الكلى .... وتبين ايضا ان لديه 70% تضيقا في احد شرايين القلب الرئيسية. وان كانت قصة المريض اعلاه مدخلا لموضوعنا اليوم فهي تبين بوضوح اثار السمنة الشديدة على القلب وعلى صحة المريض عموما حتى وان لم يكن لديه اعراض يشتكي منها. من هو السمين ؟ تعرف السمنة بأنها عندما يكون مؤشر كتلة الجسم BMI اكثر من او يساوي 30 كلغ لكل متر مربع , وتحسب بسهولة حيث يقسم وزن الجسم بالكيلوغرام على طول الجسم بالمتر مربع حيث يكون مؤشر الكتلة في مريضنا أعلاه 54 كيلوغراما لكل متر مربع . والمشكلة في هذا التعريف انه لا يوضح نسبة العضلات والعظام والشحوم في ذلك الوزن وانما يعطى المجموع الكلي لكل هؤلاء ولذلك نشأ حديثا المفهوم الجديد للسمنة معتمدا على كمية الشحوم في الجسم بغض النظر عن الوزن الاساسي بالكيلوجرامات وبالتالي حساب (مؤشر كتلة الجسم) هل من الممكن ان تكون سمينا ووزنك طبيعيا ؟ هناك نوع حديث من السمنة (Normal Weight Obesity) نوقش في اجتماع الجمعية الامريكية لأمراض القلب السابق .... حينما يكون الوزن طبيعيا ولكن نسبة الدهون في جسم الانسان اكثر من الطبيعي وهي تقريبا 23% للرجال و33% للنساء وتزداد تلك النسبة مع العمر وتتغير القيم المتفق عليها على حسب الأعراق البشرية ..... حيث لوحظ زيادة امراض القلب والسكر والضغط في هؤلاء الناس ...... ويمكن حساب تلك النسبه بتقسيم وزن الدهون الكلي (بنوعيها الدهون الضرورية والزائدة «المخزنة») على وزن الجسم الكلي .......ونسبة الدهون الضرورية للحياة وعمل الجسم عادة لا تتجاوز 5% في الرجال و 12% في النساء .ويمكن قياس ذلك تقريبيا بعدة طرق مثل: جهاز الاشعة تحت الحمراء لعضلة الذراع , مسح,DEXAوطرق اخرى اقل دقة تعتمد على ضعف التوصيل الكهربائي للشحوم مقارنة بالعضلات التي تحتوي على كثير من الماء وهو موصل جيد للكهرباء. وفي دراسة امريكية ( NHANES III ) اجريت على اكثر من الفي متطوع اوزانهم طبيعية وتمت متابعتهم لمدة 12 سنة وجد في تلك الدراسة ما هو منشور في الجدول (1) اما انتشار السمنة لدينا في المجتمع السعودي حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية فهي 30% للرجال و 40%للنساء. طرق علاج السمنة؟ اما بإنقاص السعرات الحرارية في الاكل (وليس كمية الاكل) او بزيادة صرف السعرات الحرارية بالرياضة والخيار الاول اكثر فاعلية لوحده من الخيار الثاني وان كان جمع الطريقتين اكثر فاعلية من اي منهما على حدة... حيث يمكن انقاص السعرات الحرارية الداخلة الى الجسم الى صفر (المجاعة) اما صرف السعرات الحرارية فلا يمكن انزاله اقل من 1125 كيلوكالوري في اليوم تقريبا ... لأن هذه اقل الطاقة المطلوبة للحفاظ على حرارة الجسم ونشاط عضلة القلب ولا يتوقف هذا الاستهلاك الا بوفاة المريض سواء الموقتة لبضع دقائق كما في توقف القلب الموقت او الدائمة بالوفاة الطبيعية.... 1.الحمية: الجسم يحتاج الى حوالي 25 كيلوكالوري لدعم كيلو جرام واحد من الجسم ولذلك يحتاج من كان وزنه 70 كيلوجراما الى حوالي 1750 كيلوكلوري في اليوم الواحد(+\-20 %) وحيث ان هناك جداول تحدد السعرات الحرارية لجميع انواع الاكل بالاوزان المختلفة وينصح بأن تكون الحمية متوازنة وتحت اشراف صحي حيث يتفادى المريض مضاعفات انواع الرجيم المختلفة. 2.الادوية: وهناك ستة ادوية موافق عليها من هيئة الغداء والدواء للسمنة ومن اشهرها xenical & reductil وبعض هذه الادوية للاستخدام قصير الامد وبعضها لطويل الامد . ولايقصد طبيا بالنجاح الرجوع الى الوزن المثالي . ويعتبر النجاح بانقاص 10% من الوزن الاساسي خلال فترة اخذ الدواء . وهذه الدرجه البسيطة في نقص الوزن لها مفعول عال في تحسين التحكم بالضغط والسكر والكلسترول. ويجب متابعة تحذيرات FDA على بعض هذه الادوية بين الحين والاخر. 3. الرياضة: وذلك يعتمد على مدة وشدة التمارين ووزن الشخص عند الابتداء بها. 4. شفط الدهون: شفط الدهون تحت الجلد بعد حقنها بسائل ملحي هي طريقة تجميلية لمكان محدد من الجسم ولم يثبت فائدتها العلمية على تقليل حدوث امراض القلب مستقبلا وحتى ان أنزل المريض عددا من الكيلوجرامات في تلك العمليات ... وهذا يوضح ان الفائدة تكون من نقص الاكل وزيادة الرياضة negative balance وليس مجرد التخلص من الكيلوجرامات. 5.العمليات الجراحية: جراحات السمنة هي جراحات فعالة في التخلص من السمنة وتحتاج الى شرح مفصل من الطبيب لمريضه ومضاعفاتها حتى وان كانت نادرة وان يكون المريض متشجعا لاجراء العملية وفي الغالب تجرى العمليات بأنواعها المختلفة لمن كان مؤشر الكتلة لديه اكثر من 40 كلغ لكل متر مربع وان يكون حاول جاهدا جميع الطرق الاخرى بالادوية والحمية ولكنه لم ينجح في ذلك. وهذه الجراحات فعالة فهي تؤدي الى ما متوسطه 60% فقدانا للوزن الزائد باختلافات بين طريقة جراحية واخرى ..... واما مضاعفاتها فنسبة الوفيات تختلف حسب نوع كل عملية فهي تتراوح مابين واحد من كل الف مريض restrictive)) الى حوالي واحد من كل مائة مريض. (biliopancreatic diversion or duodenal switch. ) ويجب ان يناقش المريض مع طبيبه خبرة الطبيب في اجراء هذه العمليات وجاهزية ذلك المستشفى للتعامل مع مثل هذه الحالات ومضاعفاتها الممكنة ..... وتمنع مثل هذه العمليات في المرضى النفسيين او من لديهم اكتئاب شديد او يستخدم الكحول او المخدرات بأنواعها او لديه امراض في القلب ولا يتحمل العملية الجراحية او لايستطيع الانتظام في اخذ الفيتامينات او مراجعة الطبيب المعالج بانتظام. الفوائد العلميه الثابتة في انقاص الوزن؟ 1.تحسن التحكم بالسكر وتقليل احتمالية الاصابة به مستقبلا. 2.تحسن التحكم بالضغط 3.تحسن مستوى الكلسترول والدهون الثلاثية. 4.تحسن اداء بطانة الشرايين endothelial function اما بالنسبه لمرضى القلب: 1.ينصح مرضى القلب بمتابعة اوزانهم والا يزيد مؤشر الكتلة اعلاه عن 25 كلغ لكل متر مربع. 2.ينصحون كذلك بالا يزيد محيط البطن عن 102سم عند الرجال و89 سم عند النساء . 3.يجب ان يخطط بمتابعة طبيبه طريقة وكمية الوزن المطلوب فقدانها والمدة التي يحصل بها ذلك. والخلاصة ان السمنة رأس الداء وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم (ما ملأ ابن ادم وعاء شر من بطنه).