المجالس البلدية نموذج للمشاركة السياسية في المجتمع، وتقدير للدور الإصلاحي الذي تنهض به المملكة بدءاً من إصدار الأنظمة الثلاثة (نظام الحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق)، ومروراً بنظام المجالس البلدية، وغيرها من النظم والاستراتيجيات والهيئات التي تعزز من روح وشكل المشاركة المجتمعية على أساس خدمة الوطن والمواطن، وتحمل مسؤولية الرقابة على أداء المؤسسات الخدمية. ولتحقيق أهداف المجالس البلدية فإنه ينبغي تعزيز المشاركة من خلال التنمية البشرية وتطوير مؤسسات المجتمع المدني التي تساهم في تحسين إدارة الحكم عبر تعزيز المساءلة والشفافية. ولكننا نرى بعد مضي أربع سنوات من إنشاء هذه المجالس أنها مكبلة، وذلك بعدم إعطائها الصلاحيات المتاحة والتي اقتصر دورها على التوصيات دون أن يكون لها دور تنفيذي. وما حدث لمدينة جدة طرح سؤالاً عريضاً مفاده هل هناك غياب أم تغيب للمجالس البلدية؟ نقص الإمكانات يقول الدكتور سعد عثمان رئيس المجلس البلدي في أبها ان المجالس البلدية ليست غائبة ولا مغيبة، ولكن تنقصها الإمكانات، ولذلك فالمجلس البلدي بجدة من أنشط المجالس البلدية وله تاريخ حتى في مثل هذه الفترة، ولكن لو تجاوزنا أن المجلس البلدي كان مغيباً فنحن سنقبل هذه العبارة إذا علمنا أن له دورا رقابيا واستشاريا، ولكنه لم يعط الفرصة الكاملة ولم يمارس دورة الكامل، وأيضا لم يمنح كافة الإمكانات كمهندسين وفنيين وطاقات بشرية وفنية وإلكترونية، وكذالك فتح المجال للدراسات في مدينة معقدة كمدينة جدة والتي تحتاج لجهود كبيرة جدا وتفرغ لأعضاء المجلس والحضور المستمر والمكثف، فنحن نعلم أن المجلس البلدي بجدة كان له رأي حول التخطيط العشوائي وكان له رأي أيضا حول بحيرة المسك، ولكنها أغفلت عن التطبيق والتنفيذ. وأضاف أن المجالس البلدية وليدة ولكنها رغم البدايات الخمس الأولى أثبتت أنها مبدعة وأدت دورها وواجباتها، وهي تنتظر الدور الكبير الذي تقوم به وخاصة بعد تولي الأمير منصور بن متعب الوزارة وهو صاحب دور كبير في النهوض بأداء هذه المجالس، مشيراً إلى أن المجالس البلدية إذا كانت غيبت في بداياتها فلن تغيب في عهد الأمير منصور بن متعب، معتبراً ما حدث في جدة درسا لكافة المجالس البلدية، فنحن لا نعفي أحدا من المسؤولية، فمن أعفى نفسه فهو مواطن غير صالح. ويتساءل العثمان في ختام حديثه بقوله: ماذا قدم المجلس البلدي بجدة حتى نعرف هل هو غائب أم مغيب؟، وحتى لا نرمي بالتهم جزافا قبل أن نعلم ماذا قدم وما هو مستعد له بالقادم من الأيام. مشاكل جدة قديمة بينما يؤكد رئيس المجلس البلدي في جدة الأستاذ حسين باعقيل أن المجلس البلدي بجدة نبه إلى الوضع وحذر منه قبل وقوعه وقام برفع التقارير إلى الأمانة، وكان بالفعل هناك بدايات لعمل ميزانيات لتصريف السيول والأمطار، ولكن نعترف أن المجلس البلدي يحتاج لمزيد من الميزانيات والإمكانات التي تدعم ما يقدمه المجلس البلدي، فجدة مدينة كبيرة وبها الكثير من المشاكل، ومنها: مشكلة تصريف السيول وبحيرة الصرف الصحي ومشكلة الأحياء العشوائية. مياه الأمطار تغطي نفقا بالكامل وأضاف باعقيل أن الكارثة جاءت وجدة لم تكن مستعدة لتفادي ما حصل، والمعالجة تحتاج لمراحل عدة ووقت زمني ليس بالقصير، فالمجلس البلدي لم يبدأ إلا منذ أربع سنوات وحتى يثبت ويجني الثمرة لا بد من أن نعطي هذه الثمرة الثمن من الاهتمام والميزانيات والإمكانات وتخطيط الأولويات، فنحن مازلنا نعالج سلبيات الماضي ومخلفاته، وما أفسده الناس من عدم اهتمامهم وعدم مبالاتهم بحجم الكارثة من إهمال الصرف الصحي والبناء العشوائي على مجرى السيول. وختم حديثه بأنه يقف على كيلو 14 وهناك العديد من المباني والممتلكات التالفة والسيارات المتراكمة، فالمجلس يعمل حاليا على ورشة عمل لخطة الطوارئ بإشراف رئيس المجلس البلدي السابق طارق فدغق بإشراف الأمانة والدفاع المدني لإنقاذ مايمكن إنقاذه. لا يوجد مقارنة! أما رئيس بلدية الرس المهندس سليمان الخليفة، فقال: المجالس البلدية لا تقارن بعمر المشاريع المنفذة والتي نفذت قبل إنشائها، ومن واقع تجربة المجالس البلدية فحجم المسؤولية يختلف من منطقة لأخرى، والغياب يوحده أعضاء المجلس، مشيراً إلى أن المجالس البلدية فعالة ولكنها إلى الآن لم تناقش ماحصل في الماضي وتركيزها ينصب على بناء الحاضر. مجالس بدون صلاحيات! ويقول الدكتور محمد جمعان دادا محافظ بلجرشي ان المجالس البلدية حاضرة ولكنها غالبا ماتصطدم بصلاحيات رئيس البلدية خاصة ان كان هو رئيساً للمجلس البلدي، فالسلطة هنا لا توازن بين ما ينفذ وما يقرر، ولكن ما يظهر حالياً بأن هناك تقصيرا في أداء المجالس البلدية خاصة وأنها تفتقد للمختصين والفنيين المؤهلين فالاختيار للأعضاء عشوائي أو حسب قناعات معينة، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون للمجالس البلدية دور فاعل وحقيقي ويكون هناك تعاون بين عدة جهات لإخراج التوصيات وتنفيذها على أرض الواقع وأن لا يكون رئيس المجلس البلدي هو رئيس البلدية حتى لا تصطدم القرارات بعدم التفعيل. وأشار إلى التنصل من المسؤولية ليس هو الحل الشجاع خاصة من مسؤولي جدة سواء في المجلس البلدي أو أي جهة لها علاقة بالكارثة، كما يجب الاعتراف بأن المجالس البلدية بيدها أن تغيب نفسها أو أن تجعل منها حاضرة. ماذا نحتاج؟ وبعد هذه الآراء وتباينها نخرج بأن المجالس البلدية حاضرة ولكن دورها مازال معطلا ومع وقف التنفيذ وحادثة جدة دليل على ذلك، ولذا على المسؤولين على هذه المجالس أن تعطيها الدور الذي يتيح لها المساهمة بالإصلاح والدور الرقابي التنفيذي، وضرورة الانطلاق في تطوير المجالس البلدية من كونها مجالس بلدية فعلاً وليس مجالس بلديات، مما يعني ضمناً أن تطوير المجالس البلدية ليس مهمة وزارة البلديات وحدها بل تتقاطع معها مهمة تطوير مجالس المناطق وهي المجالس الأشمل في وظائفها والاولى بتسميتها مجالس بلدية، حتى لا نجد مستقبلاً بأننا بحاجة إلى تطوير مجالس الصحة ومجالس التعليم وغيرها، مع ضرورة منح تلك المجالس صيغا عملية اقوى في مجال الرقابة والمتابعة والتقييم والمساعدة في التخطيط للجوانب التنموية بكل منطقة سيعني بداية تقليص الإدارة المركزية، وبالذات إذا صاحب ذلك تطوير للجوانب المالية بحيث تطور ميزانيات المناطق وتمنح صلاحيات في بعض الجوانب كآليات صرف الموارد الذاتية لها.. ليس ذلك فقط، بل يمكن ربطها وفق آلية محددة بمجلس الشورى لتسهم أو توصي باقتراح بعض التشريعات. سيول جارفة غطت معالم الشوارع في جدة