للمجالس البلدية فكرتها المحورية في تطوير المشاركة الشعبية في صناعة القرار، وذلك في الواقع هدفها الأساسي بحسب نظامها ولوائحها المنظمة لأعمالها، ورغم مرور التجربة بسنوات عدة إلا أنها لا تزال حبيسة البيروقراطية وسوء الفهم في طبيعة ودور هذه المجالس التي تمثل جهة استشارية وتشريعية بصورة نسبية في استيعاب الخدمات البلدية في كل حاضرة، وقد دخلت بعضها في اشتباكات غير ذات جدوى مع أمانات المناطق مما أضاف خللا إلى قائمة الخلل التي عطلت أدوارها. لن نذهب بعيدا في استقصاء أهمية ودور تلك المجالس وعدم إيفائها بمتطلبات الواقع، وعلى سبيل المثال، أحدثت الأمطار والسيول كوارث في أكثر من منطقة ومشاريع معطلة غير أننا لم نسمع تصريحا أو نرى دورا مهما لمجالسنا البلدية الموقرة، وكذا الحال في جدة التي نالتها الكوارث أكثر من غيرها، ولا أدري ما إذا كانت السيول جرفت معها مجالس جدة أم لا، ولكن المهم أننا لم نر حضورا للمجالس البلدية في الكارثة. هناك جفاء وفجوة ومساحة شاسعة بين المجالس البلدية وناخبيها وهم المواطنون الذين ينتظرون من تلك المجالس أن ترتقي بخدماتهم البلدية واقتلاع الميزانيات من الأمانات لتطوير تلك الأمانات. لا يشعر المواطنون بمجالسهم البلدية التي انتخبوها، وقد نسوها أول انتهاء المولد الانتخابي وفض سامر المخيمات التي استضافتهم أيام الانتخابات بعد أن تدسموا بولائم المرشحين ليلا، وفي النهار نسوا أين كانوا بالأمس ومن رشحوا، فإذا كان أعضاء المجالس البلدية في غيبوبة ينبغي ألا يكون الناخبون في غيبوبة، وإني على استعداد لمنح جائزة لمن يخبرني بأسماء أعضاء المجلس البلدي الذي انتخبه، واعتقد أن أعضاء المجلس البلدي الواحد لا يعرفون بعضهم ثم إنهم لا يعرفون المشاريع التي يتم تنفيذها إلا عبر الصحف، أي أنهم لا يسهمون سلبا أو إيجابا في الخدمات البلدية. هناك جفاء وفجوة ومساحة شاسعة بين المجالس البلدية وناخبيها وهم المواطنون الذين ينتظرون من تلك المجالس أن ترتقي بخدماتهم البلدية واقتلاع الميزانيات من الأمانات لتطوير تلك الأمانات، ولكن يبدو واضحا أننا لم نفقه حتى اليوم دور تلك المجالس بدليل أنني أمام مفارقة غريبة وعجيبة, وهي أن رئيس أحد المجالس البلدية في إحدى محافظات المنطقة الشرقية هو نفسه أمين البلدية، ولا أدري كيف لنظام يسمح بالجمع بين منصبين متعارضين، وذلك غيض من فيض من سوء الممارسة البلدية التي نأمل ألا تتكرر في المواسم الانتخابية القادمة حتى لا نظل نكتب على الماء طويلا.