لأول مرة في التاريخ تجرى عملية تحديث في طريقة تفكير أمة و رؤياها ونظرتها إلى العالم ووضعها الدولي والإقليمي. عملية بناء مخططة للفكر والثقافة غير مسبوقة في تاريخ التنمية والتحديث. القضاء, التعليم, الإعلام , الجامعات ثم البنية الفكرية التحتية. من يسمع بمثل هذا سيبدو له أن الأمر يشوبه الخيال لكن الذين عاشوا في المملكة وتابعوا أخبارها في السنوات الأربع الماضية شهدوا التغيرات الكبيرة التي جرت على الواقع كمعجزة. في السياسة الخارجية أصبحت المملكة حجر الزاوية وقوة الدفع الأساسية في تحريك الأحداث. القضايا الرئيسة في المنطقة تمر عبر المملكة ابتداء من القضية الفلسطينية مرورا بالقضية العراقية وحتى القضايا المجاورة الصغيرة. بعد غزو العراق للكويت انهار النظام العربي برمته بعد أن كان يترنح. أصبحت المنطقة تعيش فراغا غير مسبوق أغرى القوى أجنبية وإقليمية ودولية لملئه بمصالحها وأهدافها. أصاب الضعف السياسي منظومة الدول العربية والعلاقات فيما بينها. في السنوات الأربع الماضية كثفت المملكة جهودها بعد أن تخلت عن الطرق السياسية التقليدية ونأت بنفسها عن الدخول في الصراعات أو استغلال الصراعات لتحقيق مكاسب ضيقة الأفق. حتى أعادت كثيرا من العمل العربي المشترك . على المستوى الدولي لأول مرة في التاريخ تشارك دولة من العالم الثالث في مؤتمر اقتصاد الكبار ويكون لها رأي في حماية مصالحها ومصالح العالم الذي تنتسب إليه سواء على المستوى العربي أو الإسلامي. ولحماية العالم من شرور الحروب الدينية التي أحرقت أمماً وأزالت مقدرات وأزهقت أنفساً. قاد الملك عبدالله مؤتمر الأديان الذي حقق من خلاله استقلالية كل دين بما يؤمن به مع التعاون الكامل والنزيه في المشترك الإنساني. حيث غلبت إرادة الحياة على التناحر والتقاتل. هذا العمل الخارجي الكبير تطلب عملا داخليا على المستويات كافة حتى يستطيع الإنسان السعودي استيعاب التغيرات الكبيرة في الرؤيا وفي طريقة التفكير نحو العالم فدخلت المملكة في مرحلة بناء في كل ما يمس البنية الفكرية وأدوات العقل، بدأ بالتعليم الأساسي والجامعي. حيث رصدت المملكة في عهد الملك عبدالله أكبر ميزانية تطويرية تستهدف التعليم وأسست مجموعة المؤسسات وتم تغيير قيادة الجهاز التعليمي بقدرات شابة ومميزة. أما على الصعيد الجامعي فلأول مرة في التاريخ ترسل أمة هذا العدد الكبير من الطلاب إلى كل مؤسسات التعليم العالمي المتقدم في التخصصات كافة مصحوبا بافتتاح جامعات جديدة في كل المناطق تقريبا, واستعدادا لعملية التحديث ونتائجها على الأمة كان لابد من تحديث البنية السياسية وعلى رأسها المؤسسة القضائية وتوارث الملك . تبع ذلك إطلاق حرية الصحافة والإعلام والحوار الوطني المباشر بين أطياف المجتمع حتى بدأت تنتشر في أوساط الناس بيئة التسامح ونظرة الاحترام للآخر. ليس غريبا أن يأخذ خادم الحرمين هذه المكانة المميزة عندما يأتي في استفتاء مجلة فوربز العالمية في مرتبة متقدمة بين الرجال الذين خدموا الإنسانية وصنعوا الأحداث الكبرى في العالم. عبدالله بن عبدالعزيز لا يمر على التاريخ بل يصنعه.