ركزت ندوة معوقات التمويل السكني في دول الخليج التي عقدت مؤخراً في دبي وضمت العديد من الخبراء والمتخصصين الخليجيين والأجانب على تأثير الأزمة المالية العالمية على الأسواق العقارية، حيث كانت تفتقد الأسواق كما يقول المناقشون إلى غياب التشريعات القانونية وغياب نظام الرهن العقاري, وضعف برامج التمويل السكني, فقبل الأزمة المالية حققت تلك الأسواق أرباحاً بلغت تريليون دولار. كثيرة هي الندوات والمنتديات والمعارض التي تقام هنا وهناك تناقش وتحلل قضايا الأسواق العقارية اهتمامها ينصب فقط بمؤسسات التمويل المالي من البنوك والشركات العقارية ومستثمرين وما يستجد فيها من تقلبات وما يستحدث فيها من أنظمة ومع هذا الاهتمام لم أرَ يوماً أن ندوة أو منتدى خصص (لهموم المواطن في بناء أو تملك العقار), السوق العقاري في المملكة واضح الرؤية متعدد الروافد معروف النتائج والدليل أنه في كل عام يسجل ارتفاعاً مضاعفاً في أسعار الأراضي السكنية بالإضافة إلى تكلفة البناء الباهظة والتي باتت تشكل عبئاً مالياً على المواطنين أصحاب الدخول الصغيرة أو المحدودة، حيث لم يعد بإمكانهم مجارات ارتفاع الأسعار في تملك فلل مستقلة كما كان قبل سنوات فالخيارات المتاحة الآن هي شقق التمليك وهي النموذج البديل للسكن, المشكلة أن هذا البديل أيضا لحق بغيره من العقارات فوصلت أسعار شقق التمليك إلى سقف 500 ألف ريال بدون ضمان الأرض المقام عليها بناء الشقة وليت الأمر توقف عند هذا؟ إنما 20% من شقق التمليك المعروضة للبيع ليست نموذجية للسكن وللأسف أن الإجابة هي من العقاريين أنفسهم, فهي صغيرة المساحة وأشبه بالشاليه منها للشقق ولا تمتلك مواصفات التخطيط السليم لمساحاتها الداخلية ولا تتوفر بها الاحتياجات الرئيسية وابسطها (منافذ التهوية, الأمن والسلامة, أماكن التخزين, غرفة الخادمة, غرف للغسيل, غرف مناسبة للأطفال) وغيرها التي لا تخفى على المواطن العادي, الإشكالية تبدأ من موافقة البلدية على إصدار رخص بناء لشقق سكنية مخصصة للبيع وهي لا تتوافر بها مواصفات ومقاييس بناء معتمدة؟ لماذا كل مستثمر يقوم بوضع المقاسات بالسنتيمتر وليس بالمتر ويضرب بالأسعار كيفما يشاء؟ لماذا لا تحدد البلديات المواصفات ومقاييس البناء لشقق التمليك بشكل نموذجي يضمن ثمنه؟ لماذا لا يستفاد من مواصفات شقق الإسكان الحكومي كنماذج يمكن تطبيقها على المشاريع الجديدة بمزيد من التطوير العمراني للتناسب مع أنماط الأسر السعودية داخل المدن, المفترض من الأمانة والبلديات رفع كفاءة التخطيط والتصميم والتنفيذ لمشروعات الإسكان الجديدة والإسهام بشكل جاد في تطويرها وان يتعدى دورها إصدار رخص الفسح والبناء إنما حفظ حق المواطن المعنوي في العيش المريح وحفظ حقه المالي في التمليك.