فارق العمر بين الزوجين يشكل عاملاً هاماً في نجاح الحياة الزوجية، هذا ما تشير إليه الدراسات الاجتماعية الحديثة، حيث تعتبر الفترة الزمنية التي تفصل جيل الزوجة عن جيل الزوج مؤثراً كبيراً في تباعد أو تقارب التفاهم والانسجام بينهما.. لكن ما هي آراء المعنيين بهذا الموضوع؟. وحدة داخلية بداية تحدثت السيدة حنان محمد، حيث قالت: زوجي يكبرني بسبعة عشر عاماً، فأنا في الأربعين وهو في السابعة والخمسين، وبالرغم مما يتمتع به زوجي من رجاحة العقل وطيب القلب، إلا أن فارق العمر يجعلني أشعر وكأني أعيش في وحدة داخلية لا أصرح بها لأحد، ففي الوقت الذي أرغب فيه بالتمتع في سفر أو نزهة أو أي مشروع أجده يريد الراحة والبقاء في البيت، وفي الوقت الذي أرغب في اللهو وممارسة بعض الأنشطة الحركية التي أعشقها يلهث جالساً في مكانه، أنا متفهمة تماماً لمعاناة فارق العمر، وأقدر وضع زوجي وسنه، لكنني غير متقبلة وأشعر بالألم، بصراحة أنا أعتبر فارق العمر الكبير بين الزوجين كارثة كبيرة تفقد الحياة متعتها وألوانها، لذلك حذرت شقيقاتي اللاتي لم يتزوجن بعد من الوقوع في هذه المشكلة. في حين تشعر أم رنا بمأساة كبيرة لأن الفارق بينها وبين زوجها 18 عاماً، مما يجعله على حد قولها دائم التأنيب والسخط على كل تصرفاتها وأفكارها، مشيرة: أشعر أنه لا يثق بي، يعاملني دائماً بطريقة تستفزني، ففي الوقت الذي يستشير فيه أخواته وقريباته يهملني ولا يقيم لرأيي أي اعتبار، وغالباً ما يقول لي "أنتي وش فهمك ؟؟"، بعض صديقاتي يعتبرن السبب عقلية زوجي وليس فارق العمر، ولكنني اعتقد أن فارق العمر هو الأساس، فما أجمل أن يكون الزوجان في نفس المرحلة العمرية لتتقارب الأفكار والأمزجة. الفارق غير مهم! أما الدكتورة هانية عبدالرحمن، وهي طبيبة نساء وولادة، فقالت: الفرق بين عمري وعمر زوجي 22 سنة، ولكنني لا أشعر أبداً بهذا الفارق، ربما لأننا لا نتقابل كثيراً، فأنا مشغولة طوال الوقت، وهو أيضاً طبيب يقضي أغلب وقته في المستشفى، ونلتقي غالباً في ساعات قليلة، لا وقت لدينا لغير العمل، وقد يكون ارتباطي الكبير بأسرتي سبباً آخر لا يجعلني أشعر بمشكلة فارق العمر، لأن الوقت الذي أجده في الإجازات والعطل أقضيه أنا مع أسرتي، وهو لديه زوجة أخرى، فيقسم الوقت بيننا، بصراحة أشعر بأن حياتي كلها عمل وقد يكون عملنا المشترك أنا وزوجي سبباً في عدم وجود تباعد في العقلية والطباع. أما سناء خالد فترى أن هناك مشكلة أخرى تأتي في مقدمة هذا الزواج، حيث قالت: تبرز المشكلة عندما تنجب هذه الفتاة الصغيرة ويتوفى زوجها المسن، وغالباً ما تتزوج تلك المرأة -وهو من حقها لصغر سنها- وتترك الصغار لأقارب آخرين قد لا يحسنون معاملتهم، وبالتالي ينشأون في وسط أسري غير سليم ويصبح الضحية أولاً وأخيراً هم الصغار. بينما تعتبر منال القرني فارق العمر بين الزوجين غير مهم، لأن مستوى العقلية برأيها لا يقارن بعدد السنوات، وإنما بأسلوب التعامل ومستوى الذكاء، فهي تكبر زوجها بعشرة أعوام ولم تشعر يوماً بأي فارق بينهما، مضيفة: على العكس تماماً فنحن متفاهمان جداً، وزوجي صاحب عقل راجح ودائماً نتوافق في أشياء وهوايات كثيرة، فمثلاً أنا فنانة تشكيلية وهو أيضاً فنان تشكيلي، ومنزلنا بالنسبة لنا معرض دائم الحركة، فنتعاون في كل شيء ونهتم بنفس المجالات ونستمتع بالطبيعة والأشياء الجميلة بشكل مختلف عن الآخرين. التقارب ضرورة! يرى الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان -أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة الملك سعود بمدينة الرياض- أن واقع الدراسات الاجتماعية يؤكد على ضرورة التقارب العمري بين الزوجين بحيث لا يزيد عن عشرة أعوام كحد أقصى، موضحا أن التقارب في العمر يندرج معه الميول والأهواء والقدرات والحركة وغالبية المعطيات الضرورية للحياة الزوجية على عكس ما يفعله التباعد العمري بينهما. وأضاف قائلاً: أثبتت الدراسات أيضا أن المرأة تميل إلى أن تكون هي ألأصغر، حيث تجد في تقدم عمر زوجها عليها بعدد من السنوات ميل للنضج المطلوب والإحساس بالمسؤولية ورجاحة العقل والاتزان المطلوب، ويعتقد الدكتور الفوزان بأن الزوجات الصغيرات يكثر بينهن الطلاق وعدم استطاعتهن للتكيف. وأشار إلى أنه في دراسة مماثلة أجريت على طلاب الجامعة تبين أن الشباب أيضاً يفضلون الزواج من الفتيات في العمر 18 24 سنة، ويرغبون أن تكون أصغر منهم، ويقول الدكتور عبد الله في ختام حديثه: بالرغم من وجود زواجات ناجحة كسرت هذه النظرية، إلا أنها لا تشكل القاعدة، فالعمر عامل مهم جداً، فكلما اتسعت دائرة فارق العمر بين الزوجين كلما أفضى ذلك إلى وجود العديد من المشاكل.