لا يزال الجدل في بداية القرن الحادي والعشرين يعصف بالمجتمع الروسي المتعدد الطوائف والقوميات حول السماح رسميا بتعدد الزوجات في روسيا. ويحظى هذا الطرح بتأييد كبير فقط في المناطق التي تقطنها غالبية مسلمة من السكان. وقبل فترة تم فتح موقع جديد على الانترنت في قازان (عاصمة جمهورية تتارستان) يعمل في مجال التعارف بين المسلمين والمسلمات بقصد الزواج. ولوحظ أن بعض المسجلين فيه من الرجال هم من المتزوجين الذين يرغبون الزواج مرة أخرى. وقد أثار ذلك امتعاض بعض الفتيات المسجلات في الموقع واللواتي أعربن عن استغرابهن من هذا التصرف واعتبروه من الأعمال المشينة وغير القانونية. وبدأت داخل الموقع مناقشات حول موضوع "هل يمكن السماح رسميا بتعدد الزوجات في تتارستان أم لا؟". وتسبب ذلك في ظهور جدل حاد حول ذلك في وسائل الإعلام المحلية من صحف ومحطات إذاعة وتلفزيون. ودلت استطلاعات الرأي العام قامت بها إحدى قنوات التلفزيون على أن غالبية السكان تؤيد تعدد الزوجات. وكان رئيس جمهورية تتارستان منتيمير شايمييف قد تحدث عن ذلك قبل عام وأعلن رأيه بهذا الخصوص حيث قال: لن ينال تعدد الزوجات السماح الرسمي في بلادنا لأن ذلك مسؤولية كبيرة. لقد زرت العديد من الدول العربية وأعرف أن من يكون لديه عدة زوجات يجب عليه توفير ظروف العيش اللائقة لهن. ولا بد من القول إن ظاهرة تعدد الزيجات في تتارستان لا تزال حتى الآن نادرة. ومن بين هذه الحالات النادرة قصة زواج علية (20 عاما) التي تعثرت مؤخرا حياتها الزوجية. وهذه السيدة هي الزوجة الثانية لرجل يكبرها بعشرين عاما على الأقل وقد وافقت على الزواج منه بشرط أن يخصص لها قسطاً من الوقت يوازي الزمن الذي يقضيه مع زوجته الأولى وأن يوفر لها كل ما تحتاجه من شقة سكنية وسيارة وما يكفي من المال. وتم التركيز على الناحية المادية في عقد القرآن بشكل خاص وجرى في سبيل ذلك التوقيع على عقد خاص لدى كاتب العدل ولكن على الرغم من ذلك وبعد مرور فترة معينة قصيرة خف حماس الزوج العتيد نحو زوجته الفتية ولم يعد يوليها الاهتمام المطلوب وعاد يقضي أغلب وقته مع زوجته الأولى (القانونية) وأولاده منها. وطبعا لم ينل كل ذلك رضا الزوجة الثانية علية التي قالت بهذا الخصوص: لقد قال لي إنه أخطأ عندما تزوج بي. وأدركت حينذاك أنه فقط تسلى معي عندما كانت حياته مع الزوجة الأولى مشوبة بالتعقيد ولكنه تخلى عني عندما عادت الأمور إلى مجاريها. ومن المعروف أن إمام خطيب مسجد "بورنايفسكايا" السيد فرحات مولى الدينوف كان قد تزوج اربع مرات وكانت على ذمته 3 زوجات في آن واحد ولكن بعضهن لم تتحمل هذا النمط من العيش ولذلك فهو يعيش بين منزلين حاليا. ونقلت الصحف المحلية عن رئيسة مجلس النساء المسلمات في تتارستان نائلة خانم زيغانشينا قولها: رغبة بعض الرجال بتعدد الزوجات ليست بسبب الإيمان فالشريعة تجيز تعدد الزوجات ولكنها لا تفرضه بتاتاً. ولا بد من القول إن الحديث عن السماح رسمياً بتعدد الزوجات يدور منذ فترة طويلة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة من السكان. فعلى سبيل المثال يرى رئيس جمهورية الشيشان رمضان قادروف أنه يجب السماح رسميا بهذه العملية في الشيشان لأن عدد النساء في هذه الجمهورية أكثر من عدد الرجال ويجب أن تعثر كل منهن على نصيبها وعلى زوج يكفلها. وقال: نحن نحتاج اليوم لتعدد الزوجات. لا يوجد حتى الآن القانون الذي يسمح بذلك ولكني أقول للجميع كل من لديه الرغبة في ذلك ليتزوج من امرأة ثانية. ولا بد من التذكير أن الرئيس الأسبق لجمهورية انغوشيتيا رسلان اوشيف كان أول رؤساء الجمهوريات المسلمة في روسيا الذي دعا إلى السماح رسميا بتعدد الزوجات في روسيا. ولكن نائب رئيس مجلس المفتين في روسيا النائب الأول لرئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا دامير عزتولين قال: هناك أساس لطرح موضوع تعدد الزوجات. ولكن القانون الروسي يمنع ذلك رسمياً ونحن ننظر إلى القانون باحترام. إلا أن الناس يطرحون هذا السؤال ويجب لذلك أيضا احترام مطالبهم. وحتى العلماء من جانبهم يقومون بصب المياه في طاحونة هذا الجدل فقد أكد بعض العلماء من بريطانيا أن تعدد الزوجات هو مفتاح طول العمر. ودلت هذه الدراسة على أن رجال الشعوب التي تسمح بتعدد الزوجات يعيشون عمرا أطول من الشعوب التي تحرمهم. ونوه العلماء بأن الرجال الذي تتجاوز أعمارهم سن الستين من 140 دولة حيث يسمح بتعدد الزوجات يعمرون بنسبة 12 بالمئة أكثر من الرجال من 49 دولة حيث يكون ذلك ممنوعا . ولكن على الرغم من ذلك ينظر 62 بالمئة من سكان روسيا بشكل سلبي إلى تعدد الزوجات لأنهم تربو على أسس الثقافة الأرثوذكسية (يؤكد على ذلك استطلاع الرأي العام الذي قام به صندوق "الرأي العام") ويبرر أكثرهم هذا الموقف بالناحية الأخلاقية والتقاليد والعادات السائدة في روسيا. ويرى 10 بالمئة أن الزواج يشمل شخصين فقط. ويرى 8 بالمئة أن تعدد الزوجات يتعارض مع قيم المجتمع الروسي وأنه غير مقبول (8 بالمئة)، وأنه يتعارض مع الأخلاق (5 بالمئة)، وأنه تصرف خطأ من حيث الجوهر (6 بالمئة). ولكن 10 بالمئة من السكان ينظرون بشكل إيجابي للسماح بتعدد الزوجات رسميا في روسيا. ويبرر بعضهم ذلك بأن تعدد الزوجات سيساعد في التغلب على مشكلة نقص الرجال وحل مشكلة تناقص السكان (2 بالمئة). ويرى البعض أن ذلك سيجعل وجود عشيقة أمرا شرعيا رسميا وسيحل مشكلة الأبناء غير الشرعيين (1 بالمئة). وأبدى 23 بالمئة لا مبالاتهم بهذه المشكلة.