المشكلة واضحة كوضوح الشمس في القايلة!! فهناك فجوة هائلة بين عدد الخريجين الجامعيين الحاليين أو المتوقعين والوظائف المتاحة سواء في القطاع العام أو الخاص. هذا النوع من المشاكل يحدث دائما ولكن ليس بشكل مفاجئ فالخريجون اليوم هم المقبولون قبل أربع أو خمس سنوات فيجوز توقع الانفجار واخذ التدابير اللازمة منذ وقت مبكر، ولكن بعض المؤسسات الحكومية تغط في سبات عميق ثم تستيقظ على التسونامي فتذهب تبحث مذعورة يا ولدي!! عن تدابير لمعالجة الأعراض المصاحبة وليس المشكلة المستفحلة نفسها؟! تجربة وزارة التعليم العالي في رفع طاقة التعليم الجامعي ليستوعب الأعداد الهائلة من خريجي التعليم العام كانت رائعة بحق وتعطينا درسا مجانيا وحياً على الهواء في كيفية السعي لمعالجة مشكلة الانفجار في أعداد خريجي الثانوية العامة في السنوات الأخيرة. على فكرة هذه مشكلة كان يمكن توقعها بسهولة قبل 12 سنة أو أكثر ولكن الضعف في قراءة المؤشرات والاحتياط لها أصبحت متلازمة لبعض الجهات الحكومية التي تغرق في العمل اليومي وتتجاهل التفكير في المستقبل؟! الآن وبقراءة المؤشرات الحالية يبدو أن هناك مشكلة محبطة ستواجه أكثر من ربع مليون مواطن سيتخرجون من الجامعات عام 1434 بحول الله (عدد المقبولين في الجامعات هذا العام تقريبا ناقص المتعطلين وضحايا الليموزين؟!) وسينتظر عدد كبير منهم على قارعة الوظيفة عاما أو عامين أو أكثر. وهذه "فترة" خطرة جدا على المجتمع فالبطالة لا تفتك بالعاطل لوحده ولكنها تمس المجتمع في أمنه واستقراره وحتى في مسألة الفخر بذاته!! وتزادا المشكلة تعقيدا لأن البطالة مثلها مثل مشكلة مخرج 13 الأزلية فكل جهة تلقي اللوم على الجهة الأخرى ولا توجد حتى فكرة أو مبادرة لتقديم "إعانة بطالة" للخريج طالما لم يتوفر له عمل شريف كما هو متبع في اغلب دول العالم؟! قدرة الإحلال (إحلال السعودي مكان الأجنبي) على استيعاب هذه الأعداد الهائلة مشكوك فيها لوجود مقاومة لدى رجال الأعمال الأشاوس الذين لا يرضى احدهم إلا بأرباح خومسمية بالمية!! أما طاقة الاقتصاد السعودي على "توليد" الوظائف الجديدة للسعوديين فهي ضعيفة للغاية، وهذه هي أم المشاكل؟! قد يستمر الوضع في محاولة إحلال السعودي مكان السعودي عن طريق تشجيع التقاعد المبكر ولكن المشكلة نفسها لم تنحل؟ أعتقد أن الخطة الخمسية الجديدة لا بد أن تركز على "حوافز" ايجابية لتوظيف السعوديين و"حوافز" سلبية لتوظيف غير السعوديين إضافة إلى تشجيع القطاعات التي توظف أكبر عدد من الخريجين والمبتعثين العائدين (هناك حاليا أكثر من 50 ألف مبتعث، فأين سيعملون)؟! ولمناسبة الموضوع فهناك انفجارات أخرى من الممكن توقع حدوثها بسهولة ولكن لا يوجد من يستعد لها؟! على سبيل المثال، التعداد السكاني لدينا ينمو بنسبة أعلى من 3% في السنة تقريباً (شكرا للحر والغبار)!! وعدد الأسرة الجديدة المتاحة في المستشفيات ينمو بمعدل اقل من 1% سنوياً (شكرا للروتين والبيروقراطية) فيكون من السهل ملاحظة استفحال أزمة عنوانها (لا يوجد سرير)؟! بل نحن نخوض فيها هذه الأيام خوضا إلى الركب، فمن يعلق الجرس؟! وكذلك يلاحظ نمو غير طبيعي في معدل الأمراض المستعصية (شكرا لمقاهي الشيشة والمعسل)!! مع نمو ضعيف للغاية في طاقة القطاع الصحي المحلي على استيعاب وعلاج مثل هذه الأمراض فتولدت أزمة السفر للعلاج في الخارج فنعود إلى جرسنا الأول ونقول، من يعلق الجرس مرة أخرى؟!