لا أظن قضية توظيف مرت في تاريخ سوق العمل السعودي وتأخرت وتشعبت مثل قضية خريجي المعاهد الصحية في وزارة الصحة ووزارة الخدمة المدنية ومعهم وزارة المالية ، الحمد لله وفضله البلد بخير والاقتصاد ينمو والدخل يحقق ارقاما قياسية والميزانية وصلت الى أعلى مستوى لها في تاريخ المملكة والمشاريع تتوالى يمنة ويسرة ، تغلبنا على كثير من التحديات والمعوقات ، وهاهي الدولة بقيادتها الحكيمة وبتوجيهات مباشرة وحريصة من خادم الحرمين الشريفين وبأوامر سامية كريمة بتوظيف كل السعوديين والسعوديات ، فهل نعجز على احتواء وتوظيف عدد بسيط من الخريجين في وظائف لا نقول انها إدارية أو مساندة يصعب استيعابها ، بل وظائف صحية تخصصية وفي قطاع صحي كبير يوظف أعدادا هائلة من الأجانب ، سبق أن كتبت مقالا في 8/10/1432ه وتساءلت عن مصير هؤلاء ال 6000 خريج وضحية من؟ بعد ذلك تم استيعاب 8 آلاف خريج في القطاع الحكومي وبقي هؤلاء ومعهم 14 الف خريج اضافي ينتظرون مصيرهم البعض أمضى 4 سنوات عاطلا والبعض دفع 50 الف ريال تكاليف الدراسة في تلك المعاهد التي تتحمل وزارة الخدمة ووزارة الصحة ووزارة العمل والمؤسسة العامة للتدريب والتعليم التقني والفني مسئولية ما حدث لهم في المواءمة بين المخرجات ومتطلبات السوق ،وبكل الاحوال اذا كان هناك حوالي مليون ونصف عاطل منضمين لبرنامج حافز الكثير منهم لا يملكون مؤهلات مثل هؤلاء يعتبرون تحديا كبيرا فهل يستعصي علاج مشكلة ال 20 ألفاً تقريباً؟ لماذا لجأ هؤلاء الى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ينشدون حل وضعهم؟ بعد أن ضاقت بهم السبل بين وعد من وزارة الصحة الى وعد آخر من وزارة الخدمة؟ وبالمناسبة الاتجاه الى هيئة الفساد أصبح ثقافة جديدة في المجتمع عندما قدموها بعريضة من أحدهم لرئيس الهيئة للمطالبة بالتدخل في إنصافهم ، أمر آخر عندما تعلن وزارة الصحة طلب التعاقد مع حوالي 4 آلاف كادر صحي من الأردن أو حتى 5 آلاف كادر من الفلبين أو من السودان وحتى بنجلاديش! حسبما أشارت له صحيفة الرياض بتاريخ 1/2/1430ه من وجود وفد من وزارة الصحة في بنجلاديش والفلبين للتعاقد مع كوادر صحية ، لماذا لم يكن هناك خطة مسبقة لمعرفة الاحتياجات المستقبلية من الوظائف الصحية للوزارة والعمل على تأهيل كوادر سعودية في هذه الوظائف؟ حتى لا أكون متحاملة على وزارة الصحة فقد بحثت في بياناتها من واقع تقرير صادر من وزارة الخدمة 1432ه فاكتشفت العجب العجاب ، هناك 75 ألف وافد يعمل في القطاع الصحي!! وهؤلاء السعوديون كلهم 20 الفاً تقريباً ، تخيلوا حسب هذه المعلومات الموثقة هناك 17,546 غير سعودي يشغلون وظائف صحية حكومية من حملة الدبلوم بعد الثانوية!،هناك 13 الفاً غير سعودي يحملون الثانوية ومادون! في وظائف صحية حكومية ، هناك 38,969 غير سعودي يعملون في قطاعات حكومية اخرى في وظائف صحية حكومية ،والعاملون في وظائف التمريض حوالي 23 الفا ،وبلغ عدد غير السعوديين في الوظائف الطبية المساعدة 5,087 وفي الجهات الاخرى من هذه الوظائف 8,716 ، السؤال المطروح هل مع كل هذه الارقام المهولة من الأجانب نترك ابناء وبنات البلد عاطلين لسنوات؟من يتحمل مسئولية هذا الوضع؟ وهل ستستطيع هيئة الفساد البحث عن مكامن الخلل وحل المشكلة من جذورها؟ هل ستتجاوب وزارة الصحة ووزارة الخدمة مع هذه القضية وتقوم بإحلالهم فوراً محل الوافدين وألا تعتذر وزارة المالية بالبنود او المخصصات او غيره؟هل ترحل ميزانية الصرف والمبالغ المخصصة لكثير من الشركات المشغلة للمستشفيات في وزارة الصحة وغيرها لتسخيرها لوظائف هؤلاء السعوديين الذين أعيتهم المطالبات وضاع وقتهم في مقابلة وزيارة مقار هذه الوزارات وكأنهم يتسولون ؟لا بد ان نحسم الوضع فلا يليق باقتصادنا ان تبقى مثل هذه القضية سنوات بدون حل ، لقد حققنا المرتبة ال 52 من بين 125 دولة في مؤشرات البنك الدولي في سهولة توظيف العمالة الوافدة والمرتبة 39 من بين 139 دولة في سهولة دخولهم للبلد ، بينما مؤشر البطالة لدينا يرتفع الى اكثر من 10% ، فلا نريد أن ينافسوا ابناءنا وبناتنا على أرزاقهم ووظائفهم.والله المستعان .