وليد جديد ولد لأم قادمة للتو نحو معترك جديد كذلك ، بطموح وقفزات يخشى عليها منها ، وهذا الوليد وللأسف الشديد وليد غير شرعي ، مستتر ومفضوح في ذات الوقت . كنا نعرف في الماضي أن هناك عينة جشعة من المواطنين يستغلون نظام الإقامة والكفيل فيتسترون على مقيمين يزاولون التجارة في مقابل نسب أو أجور تقل وتكثر حسب حجم التجارة ونوعها ، والدناءة ومقدارها . هو عمل مرفوض بكل تأكيد ، ولطالما مارس عقوقاً وطنياً طويلاً عبرنا به طفرتنا الأولى نحو الوهم والألم والخيبة وهجرة الأموال ، وهو على هذا النحو مارس ما أراد بدوافعه الكثيرة ومحاذيره الأكبر على البلد في اقتصاده وأخلاقه وأمنه وسمعته . اليوم هناك شكل آخر لتستر آخر جديد معاكس ، وهو تستر الأجنبي على المواطن في صورة أكثر ألما من سابقتها ، فمثلا عندما لا يستطيع المواطن الحصول على العدد الذي يحتاجه من التأشيرات لممارسة نشاطه الصناعي أو الخدمي أو التجاري يبدأ في البحث عن حلول يأتي في مقدمتها الاستعانة ب"مستثمر أجنبي " حاصل على ترخيص من هيئة الاستثمار بتسهيلاته الكثيرة ، والمستخدمة بطرق شتى لا يمكن أن يحمل واحد منها على نحو يحقق للهيئة أهدافها الوطنية النبيلة . من هذه التسهيلات سرعة تحقيق الرغبة في الاستقدام وتسهيل عقباته مع وزارة العمل وسواها من الجهات ذات العلاقة ، بعد ذلك يبدأ المستثمر في إملاء شروطه ومستحقاته ، في مقابل استخدام اسمه وامتيازاته التي سيحصل عن طريقها على ما يريد من التأشيرات والتسهيلات الأخرى تحت مظلة هيئة الاستثمار . أخبرني أحدهم وهو شاب سعودي واعد أنه احتاج لعمالة في مشروعه الخدمي الذي رصد له كل ما يحتاجه من أجل إنجاحه إلا أنه اصطدم بعقبة الحصول على التأشيرات اللازمة وكي يصل لمبتغاه استعان بأحد المستثمرين الأجانب الذي اشترط حصوله على نصف العائد من المشروع في مقابل استخدام اسمه ، في ظل صمت مطبق من وزارة العمل وغفلة من هيئة الاستثمار عن متابعة مستثمريها بعد تسهيل إجراءاتهم . لدينا والله ياسادة ما يكفي من المال والعقول لتلبية احتياجاتنا واستغلال الفرص الكثيرة التي يهيئها لنا حجم اتساع أسواقنا وقوة اقتصادنا في الكثير من قطاعاتنا الإنتاجية والتجارية ، الأمر الذي يأخذنا بدوره إلى إعادة النظر في جدوى دعم وسائل هيئة الاستثمار في إغراء الرساميل الأجنبية في المجيء ، على حساب المزيد من دعم هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية ومنحها المزيد من الصلاحيات لتشجيع الرساميل الوطنية على الإنتاج والاستثمار خصوصا إذا ما علمنا ان شريحة ذات دلالة إحصائية ، بل كبيرة جدا من المستثمرين الأجانب لايُحضرون مالا ولا تقانة ولا خبرة .